قال: لا يفيد القطع، بل يفيد الظن، ما هو؟ (قِيَاسُ الِاسْتِقْرَاءِ)، ومراده الناقص وليس التام، لأن التام يفيد القطع، (وَالتَّمْثِيلِ) أي وقياس التمثيل الذي هو جزئي على جزئي حمل [(وَلاَ يُفِيدُ القَطْعَ) أي اليقين ... (بِالدَّلِيلِ) أي بنتيجة الدليل (قِيَاسُ الِاسْتِقْرَاءِ)] أي الناقص لا بد من تقييده، (وَالتَّمْثِيلِ) أي وقياس التمثيل، والدليل إظهار في محل الإضمار [(وَلاَ يُفِيدُ القَطْعَ بِالدَّلِيلِ)، والدليل إظهار في محل الإضمار [أي بنتيجتهم]، [نعم] بالدليل يعني بنتيجته [أما قياس الاستقراء] فلماذا لا يدل على القطع؟ لماذا لا يفيد القطع؟ [فلجواز أن يكون قد بقي جزئي من جزئيات على خلاف ما استقرأته]، نعم لأنك إذا استقرأت الأكثر حينئذ بقي قد يكون كثيرًا، وقد يكون هذا الحكم هذا الكثير الذي بقي ولم يستقرأ حكمه مخالف لما وقفت عليه، محتمل أو لا؟ وإذا احتمل حينئذ لا يفيده قطعًا، الحكم على الأكثر لا يفيد القطع البتة. قالوا: وقد وجد أن التمساح يحرك فكه الأعلى عند المضغ، هذا نقل لما سبق، كل حيوان يحرك فكه الأسفل، [قالوا]: التمساح على العكس إذًا صار نقضًا، [وقد جد أن التمساح يحرك فكه الأعلى عند المضغ فلم تكن النتيجة في الاستقراء، وهي كل حيوان يحرك فكه الأسفل عند المضغ قطعية ليس قطعيًّا، وأما قياس التمثيل] وهو الحمل أو التشبيه [فلأنه لا يلزم من تشابه أمرين في معنى تشابههما في جميع الأحكام]. لأنه قال: على ما ذكره السعد تشبيه جزئي بجزئي، إذًا إذا اشتبه هذا النظير فهذا النظير لا يلزم المشابه في جميع الأحكام، أو بجزئي آخر.

إذًا القياس هذا لا يفيد القطع، أما المقياس الذي عندهم بنفي الفارق هذه مسألة أخرى.

- - -

فَصْلٌ فِي أَقْسَامِ الحُجَّةِ

وَحُجَّةٌ نَقْلِيَّةٌ عَقْلِيَّهْ ... أَقْسَامُ هَذِي خَمْسَةٌ جَلِيَّهْ

خَطَابَةٌ شِعْرٌ وَبُرْهَانٌ جَدَلْ ... وَخَامِسٌ سَفْسَطَةٌ نِلْتَ الأَمَلْ

(فَصْلٌ فِي أَقْسَامِ الحُجَّةِ) أي الدليل، سمي بذلك لأن من تمسك به حج خصمه، أي غلبه. (وَحُجَّةٌ) مبتدأ سَوَّغَ الابتداء به قصد الجنس، وهي إما (نَقْلِيَّةٌ) وهي ما كانت من الكتاب والسنة والإجماع، وإما ... (عَقْلِيَّهْ)، وقد ذكرها بقوله: (أَقْسَامُ هَذِي) الحجة العقلية (خَمْسَةٌ جَلِيَّهْ) أي ظاهرة أولها (خَطَابَةٌ) وهي قياس مؤلف من مقدمات مقبولة لصدورها من معتقد كولي أو من مقدمات مظنونة كقولنا: كل حائط ينتثر منه التراب ينهدم، ونحو: فلان يسار العدو فهو مسلم للثغر. ونحو: فلان يطوف بالليل بالسلاح فهو متلصص، والغرض منها ترغيب الناس فيما ينفعهم كما يفعله [الخطاب] والوعاظ.

وثانيها (شِعْرٌ) وهو قياس مؤلف من مقدمات تنبسط منها النفس نحو الخمر مقوية سيالة، أو تنقبض منها النفس نحو العسل مِرّة مُهَوِّعَة، ونحوه الورد صِرْم بغلي قائم في وسطه روث، والغرض منه انفعال النفس بالترغيب والترهيب، ويزيد الانفعال بأن يكون على وزن من أوزان الشعر أو بصوت طيب.

(وَ) ثالثها (بُرْهَانٌ) وهو قياس مؤلف من مقدمات يقينية كما يأتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015