لم تكن يقينية بل كانت نظرية لا بد من الاستدلال يعني إثباتها لا بد من دليلها من أجل أن يُسلم لك الخصم، حينئذ قوله: [(مُخْتَبِرَا) أي حالة كونك مختبرًا للمقدمات للاستدلال عليها إن كانت نظرية، هل هي يقينية] فلا تحتاج إلى دليل؟ أو لم تكن يقينية فحينئذٍ تحتاج إلى دليل، ... [وهذا بيان للوجه الخاص الذي ذكره سابقًا في قوله: (عَلَى مَا وَجَبَا)] إذًا فركبن مقدمات على ما وجب، ورتب المقدمات هذا ترتيب صغرى ثم كبرى، وانظرن صحيحها من فاسدها هذا شيء ثالث، [(مُخْتَبِرَا) حال كونك مختبرًا للمقدمات] هل هي يقينية أم لا، [فلا يقال هذا تكرار لما تقدم]، لأنه ذكره على جهة العموم على ما وجب ثم فصله، ولذلك قلنا: من ذكر الخاص بعد العام

فَإِنَّ لاَزِمَ المُقَدِّمَاتِ ... بِحَسَبِ المُقَدِّمَاتِ آتِ

هذا تعليل لمضمون البيتين السابقين، لأننا نريد بالمقدمتين الوصول إلى النتيجة.

إذًا النتيجة لا تكون صحيحة سليمة إلا لصحة المقدمات، إلا إذا صحت وسلمت المقدمات، فهو تعليل لمضمون البيتين قبله [أي لازم المقدمات وهو النتيجة آت بحسبها] بحسب المقدمتين، [فإن كانت المقدمات صحيحة صادقة كانت النتيجة صادقة، وإن كانت المقدمات فاسدة أو كاذبة لم يلزم صدق النتيجة بل تضطرب] قد تصدق وقد تكذب، إذا كانت المقدمتان كاذبتين أو إحداهما كاذبة حينئذ النتيجة لا تصدق، النتيجة لا يلزم صدقها بل قد تصدق وقد تكذب يعني تضطرب، ولذلك قال: [لم يلزم صدق النتيجة، بل تضطرب فتارة فتصدق تارة وتكذب أخرى، مثلاً: إذا قلنا: العالم متغير، وكل متغير حادث، فهذا قياس صحيح مقدمتاه صادقتان فنتيجته كذلك، واضح. وإن قلت: كل إنسان فرس، كذب وكل فرس صهال]، صادق، [فهو قياس كاذب إحدى المقدمتين فلا يلزم صدق النتيجة، بل تكذب تارة كهذا المثال فإن نتيجته كل إنسان صهال هذه كاذبة] وهذه كاذبة، [وتصدق تارة] مع كون إحدى المقدمتين كاذبة وصدقت النتيجة لكنه اتفاقًا لا من جهة الاستلزام، ... [وتصدق تارة كما لو أبدلت الكبرى بقولك: كل فرس ناطق، فإن] النتيجة [نتيجته كل إنسان ناطق وهي صادقة، لكن صدقها اتفاقي]، والشرط هنا أن يكون الصدق لازمًا يعني مستلزم، المقدمتان مستلزمتين للنتيجة، أو المقدمتان مستلزمتان للنتيجة.

- - -

وَمَا مِنَ المُقَدِّمَاتِ صُغْرَى ... فَيَجِبُ انْدِرَاجُهَا فِي الكُبْرَى

وَذَاتُ حَدٍّ أصْغَرٍ صُغْرَاهُمَا ... وَذَاتُ حَدٍّ أَكْبَرٍ كُبْرَاهُمَا

وَأَصْغَرٌ فَذَاكَ ذُو انْدِرَاجِ ... وَوَسَطٌ يُلْغَى لَدَى الإِنْتَاجِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015