إذًا القياس الاقتراني هو ما وُجد فيه حقيقة القياس السابقة، ثم كونه دل على النتيجة بالقوة سُمِّيَ اقترانيًّا، ومعنى دلالة القياس على النتيجة بالقوة أن أجزاءها الموضوع والمحمول مذكوران في المقدمتين، وموضوع النتيجة هو موضوع الصغرى، ومحمول النتيجة هو محمول الكبرى كالمثال السابق، واختص بالحملية يعني قياس الاقتراني لا يدخل الشرطية وإنما هو خاص بالحملية، [واختص القياس الاقتران] بالحملية يعني بـ[القضايا الحملية فلا يركب إلا منها لا من الشرطية]، فهو مقصور على الحملية فلا يتعداها إلى غيرها، فالباء حينئذ تكون داخلة على المقصور عليه، والصحيح أنه لا يختص بها، بل قد يتركب من الشرطية، ولذلك قال الشارح هنا: [وهذا رأي مرجوح] يعني كون الاقتراني خاص بالحملية هذا رأي مرجوح، بل [والصحيح] أنه يدخل الحمليات والشرطيات، والصحيح وهو قول الجمهور [أن القياس الاقتراني يؤلف من القضايا الحملية كما تقدم وهو واضح، ومن القضايا الشرطيات كقولنا: كلما كانت الشمس طالعة كان النهار موجودًا، وكلما كان النهار موجودًا كانت الأرض مضيئة]، هاتان مقدمتان طويلة كلما كانت الشمس طالعة كان النهار موجودًا، كانت الشمس طالعة مقدم، كان النهار موجود هذا تالي هذا مقدمة صغرى، كلما كان النهار موجودًا كانت الأرض مضيئًا، كان النهار موجودًا هذا مقدم، الأرض مضيئة هذا تالي، [فينتج كلما كانت الشمس طالعة] المقدمة الصغرى [كانت الأرض مضيئة] هذا تالي الكبرى، إذًا دخل الشرطيات

- - -

فَإِنْ تُرِدْ تَرْكِيبَهُ فَرَكِّبَا ... مُقَدِّمَاتِهِ عَلَى مَا وَجَبَا

وَرَتِّبِ المُقَدِّمَاتِ وَانْظُرَا ... صَحِيحَهَا مِنْ فَاسِدٍ مُخْتَبِرَا

فَإِنَّ لاَزِمَ المُقَدِّمَاتِ ... بِحَسَبِ المُقَدِّمَاتِ آتِ

(فَإِنْ تُرِدْ تَرْكِيبَهُ) أي القياس الاقتراني (فَرَكِّبَا ** مُقَدِّمَاتِهِ) أي مقدمتيه، إن تركب من مقدمتين، أو مقدمات إن تركب من أكثر (عَلَى مَا وَجَبَا) أي على الوجه الذي وجب من الإتيان بوصف جامع بين طرفي النتيجة وهو الحد المكرر، وبه حصلت المقدمتان أحداهما مشتملة على موضوع النتيجة أو مقدمها والأخرى على محمولها أو تاليها، ومن اندراج الأصغر تحت الأوسط في الاقتراني كما سيأتي.

(وَرَتِّبِ المُقَدِّمَاتِ) بأن تقدم الصغرى منها، وهي المشتملة على موضوع النتيجة أو مقدمها على الكبرى وهي المشتملة على محمولها أو تاليها، ويكون ذلك على الوجه الخاص ككون الصغرى موجبة والكبرى كلية في الشكل الأول مثلاً، (وَانْظُرَا) أي انظرن (صَحِيحَهَا) أي المقدمات متميِّزًا (مِنْ فَاسِدٍ) أي من فاسدها من جهة النظم بأن كانتا سالبتين أو جزئيتين، إذ لا إنتاج لسالبتين أو جزئيتين ومن جهة المادة بأن كانتا كاذبتين أو إحداهما كاذبة (مُخْتَبِرَا) أي حالة كونك مختبرًا للمقدمات بالاستدلال عليها إن كانت نظرية، هل هي يقينية أو لا، وهذا بيان للوجه الخاص الذي ذكره سابقًا في قوله: (عَلَى مَا وَجَبَا) فلا يقال هذا تكرار لما تقدم.

فَإِنَّ لاَزِمَ المُقَدِّمَاتِ ... بِحَسَبِ المُقَدِّمَاتِ آتِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015