قال: (فَإِنْ تَكُنْ) الفاء هذه للتفريع أو الفصيحة، [(تَكُنْ) أي القضية] من حيث هي، (شَخْصيَّةً)، يعني: إذا أردنا أن نعرف كيف نأتي بنقيض الشخصية، كيف نأتي، [(شَخْصيَّةً) نحو: زيد قائمٌ، (أَوْ مُهْمَلَهْ) نحو: الإنسان حيوان، (فَنَقْضُهَا)] بالكيف يعني: بحسب الكيف، نقض هذا مبتدأ (فَنَقْضُهَا) هذا مبتدأ، (بِالكَيْفِ)، يعني: بحسب الكيف، (أَنْ تُبَدِّلَهْ) جملة خبر المبتدأ، [أي: كيفه] أي كيف (أَنْ تُبَدِّلَهْ)، يعني: تبدل كيف، أي هنا تفسير للضمير الذي هو المفعول به، أن تبدل كيفها [فنقيض الأولى]، يعني: السلب والإيجاب، [فنقيض الأولى] الشخصية [زيد ليس بقائم) زيدٌ قائمٌ شخصيةٌ، ما نقيضها؟ [زيد ليس بقائمٍ] حينئذٍ إحداهما صادقة وإحداهما كاذبة، لأن المحل واحد الآن نقول عنك أنت في وقت واحد زيدٌ قائم زيد ليس بقائم، إحداهما صادقة والأخرى كاذبة، ماذا صنعت؟ الموضوع في محله والمحمول في محله، وإنما بدلت الكيف فقط، كانت موجبة وجعلتها سالبة، طيب [زيد ليس بقائمٍ] ما نقيضها؟ زيدٌ قائم، إذًا بالعكس، فحينئذٍ فإن تكن شخصيةً فنقضها بالكيف أن تبدله، فتقول: زيدٌ قائم نقيضها زيد ليس بقائمٍ، ونقيض زيد ليس بقائم زيدٌ قائم، لأن الخلاف هنا بالإيجاب والسلب، [فنقيض الأولى زيد ليس بقائم، ونقيض الثانية] يعني: مثال المهملة، الإنسان حيوان، الإنسان ليس بحيوان، [الإنسان ليس بحيوان] إذًا ذكر لك الشارح تبعًا للناظم بأن الشخصية والمهملة سواء في النقض بأن تبدل الكيف فحسب دون ماذا؟ دون أن تغير الكم، فيبقى الشخصية كحالها، وتبقى المهملة كحالها، الشخصية واضحة ليس فيها سور، وإنما الكلام في المهملة، قال: (وهذا في المهملة ضعيف)، يعني: الإيتاء بالنقيض، بتبديل الكيف فقط في المهملة ضعيف، وأما في الشخصية فهو مسلم للناظم، [والصحيح أن نقيض المهملة كليةٌ تخالفها في الكيف]، لماذا؟ لأنه مر معنا أن المهملة في قوة الجزئية، حينئذٍ نقيضها كليةٌ نعم [نقيض المهملة كلية تخالفها في الكيف، فنقيض الإنسان حيوان، لا شيء من الإنسان بحيوان]، [الإنسان حيوان] هذه مهملة نقيضها ماذا؟ [لا شيء من الإنسان بحيوان] يعني كلية سالبةٌ، إن كانت مهملةً إيجابية موجبة فنقيضها كلية سالبة، وإن كانت المهملة سالبة فنقيضها كليةٌ موجبة، واضحٌ؟ إذًا نقيض المهملة ليس كالشخصية، بمعنى أن نبدل الكيف فقط، وإنما لا بد من النظر في الكم، (فَإِنْ تَكُنْ شَخْصيَّةً أَوْ) للتنويع (مُهْمَلَهْ فَنَقْضُهَا) بحسب الكيف (أَنْ تُبَدِّلَهْ)، نقيض الشخصية شخصية مثلها مخالفة لها في الكيف، وهذا مسلمٌ، ونقيض المهملة مهملةٌ مثلها مخالفة في الكيف على رأي المصنف، وهو رأي لبعض المناطقة، وهذا غير مسلم، والصحيح أن نقيض المهملة إنما هو كليةٌ تخالفها في الكيف لكونها في قوة الجزئية، فنقيض المهملة الموجبة نحو: الإنسان حيوان، سالبة كلية، نحو: لا شيء من الإنسان بحيوان، ونقيض المهملة السالبة نحو: الإنسان ليس لحيوان، موجبة كلية، نحو: كل إنسان حيوان.
ثم قال:
وَإِنْ تَكُنْ مَحْصُورَةً بِالسُّورِ ... فانْقُضْ بِضِدِّ سُورِهَا المَذْكُورِ