إذًا قوله: [والحال أن صدقَ واحدةٌ منهما وكذب الأخرى أمر لزم]. ماذا قال هو؟ (وَصِدْقُ وَاحِدٍ أَمْرٌ قُفِي)، [أمر لزم] يعني أمرٌ لازم، ... [والحال أن صدق واحدةٍ منهما] من القضيتين المختلفتين إيجابًا وسلبًا (وكذب الأخرى أمرٌ لزم) يعني: أمر لازم. [فخرج باختلاف القضيتين اختلاف المفردين، نحو: زيد لا زيد]، فلا يسمى تناقضًا، لأن الشرط أن يكون بين القضيتين، وخرج اختلاف المفرد والقضية، فلا يسمى تناقضًا، [نحو: زيدٌ عمرٌو قائمٌ] هذا بينهما اختلاف، لكن لا يسمى تناقضًا في الاصطلاح، [وبقولنا في كيف] أخرج ماذا؟ [أي: إيجابٍ وسلبٍ اختلاف القضيتين] في الكم، يعني: [في الكلية والجزئية نحو: كل إنسان حيوان، بعض الإنسان حيوان] انظر هنا اتحدا في الموضوع والمحمول، أليس كذلك؟ إنسان حيوان، إنسان حيوان ما الفرق بينهما؟ كل منهما موجبتان، فرق بينهما في الكلية والجزئية، وأما الموضوع والمحمول، فهما متحدان، هل هذا تناقض؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأن الاختلاف هنا وقع في الكم، والشرط أن يكون الاختلاف واقعًا في الكيف، [واختلافهما في الموضوع نحو: زيد قائمٌ، عمرٌ قائمٌ] هذا لا يسمى تناقضًا، لماذا؟ لأن الاختلاف هنا زيد وعمرو ما نوعها؟ ما نوع القضية؟ شخصية موجبة، والأخرى عمرٌ قائم شخصية موجبة، ما الخلاف بينهما؟ كلاهما موجبتان وكلاهما شخصيتان، والفرق بينهما أن الموضوع في الثاني ليس هو عين الأول، هذا الفرق بينهما، [واختلافهما في المحمول زيدٌ قائم، زيد جالس] الحكم واحد، [وبقولنا: (وَصِدْقُ وَاحِدٍ أَمْرٌ قُفِي)] يعني: قوله، [اختلاف قضيتين لا يلزم صدق أحدهما، بل يجوز صدقهما أو كذبهما]، بمعنى أن هذا الشرط، وهو صدق واحدٍ مع كذب الأخرى شرط في صحة التناقض، فإن صدقتا مع الاختلاف لا يسمى تناقضًا، إن كذبتا مع الاختلاف فلا يسمى تناقضًا، لأنه إذا اختلف الكيف اختلاف القضيتين في الكيف هنا عندنا الصور ثلاثة: إما أن يصدقا، وإما أن يكذبا، وإما أن تصدق إحداهما وتكذب الأخرى. الأول والثاني لا يسمى تناقضًا، والثالث هو الذي يسمى تناقضًا، [اختلاف قضيتين لا يلزم صدق أحدهما، بل يجوز صدقهما أو كذبهما، فالأول كقولنا: بعض الحيوان إنسان، بعض الحيوان ليس بإنسان]، [بعض الحيوان إنسان] هذه جزئية موجبة، ... [بعض الحيوان ليس بإنسان] هذه جزئية سالبة، إذًا لم يختلفا في الكم، وإنما اختلفا في الكيف، في السلب والإيجاب، كلهما صادقتان أو لا؟ [بعض الحيوان إنسان] صادقة [بعض الحيوان ليس بإنسان]، إذًا صدقتا.
[والثاني] إذا كذب النوعان (كل حيوان إنسان، لا شيء من الحيوان بإنسان]، [كل حيوان إنسان] كلية موجبة، [لا شيء من الحيوان بإنسان] كلية سالبة، اختلفا في السلب والإيجاب في الكيف، صدقتا؟
كذبتا [كل حيوان إنسان]؟ لا، منه فرس، [ولا شيء من الحيوان بإنسان] هذا كذب، إذًا كذبتا، متى يكون تناقضًا؟ إذا صدقت إحداهما وكذبت الأخرى، كيف نأتي بالتناقض؟
- - -
فَإِنْ تَكُنْ شَخْصيَّةً أَوْ مُهْمَلَهْ ... فَنَقْضُهَا بِالكَيْفِ أَنْ تُبَدِّلَهْ
وَإِنْ تَكُنْ مَحْصُورَةً بِالسُّورِ ... فانْقُضْ بِضِدِّ سُورِهَا المَذْكُورِ