(أَمَّا) هذه تفصيل، (بَيَانُ ذَاتِ الاتِّصَالِ)، يعني: صاحبة الاتصال، يعني: المتصلة، ما هي؟ قال: (مَا أَوْجَبَتْ). واقتضت واستلزمت (تَلاَزُمَ الجُزْأَيْنِ)، يعني: ما كان بين الجزأين تلازم، هذا ظاهر عبارته، لكن لا بد من صرفه من أجل إدخال الاتفاقية، [(أَمَّا بَيَانُ) القضية الشرطية، (ذَاتِ الاتِّصَالِ)] أي صاحبة الاتصال، [أي: المتصلة فهي (مَا) أي القضية التي (أَوْجَبَتْ) أي اقتضت (تَلاَزُمَ): تصاحب]، فرق بين التلازم وبين التصاحب، التلازم بمعنى أن بينهما توقيف، الثاني متوقف على الأول، المصاحبة لا يلزم قد يكون وقد لا يكون، لماذا صرف الشارح التلازم إلى التصاحب؟ لأن ظاهر الحد أنه خاص بالمتصلة اللزومية، فخرجت المتصلة الاتفاقية، أردنا إدخالها في الحد حينئذٍ لا بد من صرف كلام الناظم: [تَلاَزُمَ] إلى تصاحب، لأن كلما كان هذا إنسانًا كان الحمار ناهقًا، متصاحبان لكن ليس بينهما تلازم، إذًا من أجل إدخال الاتفاقية لا بد من صرف اللفظ تلازم إلى تصاحب، وقد يقال بأن مراد الناظم هو تعريف المتصلة اللزومية لأنها هي التي يبحث فيها كثير من المناطقة، وأما الاتفاقية فذكرها قليل، فلما كان ذكرها قليلاً حينئذٍ لا نحتاج إلى إدخالها، [(تَلاَزُمَ) أي تصاحب (الجُزْأَيْنِ)، المقدم والتالي في الوجود لزومًا) لزومية، [بأن كان لعلاقةٍ أو اتفاقًا بأن كان لا لعلاقة]، كيف هذا؟ تصاحب الجزأين لزومًا بأن كان لعلاقة بينهما، يعني: أحدهما مرتب على الآخر أو لازم له، [كلما كان هذا إنسانًا كان حيوانًا]، إذًا بينهما تلازم، [أو اتفاقًا بأن كان لا لعلاقة] ليس بينهما علاقة، وإنما اتفقا في الوجود فحسب [كلما كان الإنسان ناطقًا كان الحمار ناهقًا] هنا تصاحبا لكن ليس بينهما علاقة، الإنسان منفك بناطقيته، والحمار منفك بناهقيته، [فشمل الاتفاقية] فشمل الحد الاتفاقية واضح هذا؟ إذًا (أَمَّا بَيَانُ ذَاتِ الاتِّصَالِ)، [(مَا) أي القضية التي (أَوْجَبَتْ)] واستلزمت واقتضت [(تَلاَزُمَ) أي تصاحب] أو إن شئت ابْقِهِ على حالها فيختص حينئذٍ التعريف بالمتصلة اللزومية، ولا داعي لذكر الاتفاقية لقلة ذكرها في هذا الموضع، (تَلاَزُمَ الجُزْأَيْنِ)، يعني: [المقدم والتالي في الوجود لزومًا [، إذا كان لعلاقة بينهما، [أو اتفاقًا] إذا كان لا علاقة بين المقدم والتالي.
ثم قال: (وَذَاتُ الانْفِصَالِ دُونَ مَيْنِ) يعني: وصاحبة الانفصال قضية، [(وَ) القضية (ذَاتُ الانْفِصَالِ)] يعني صاحبة الانفصال. أي المنفصلة [حال كونها (دُونَ مَيْنِ)]، هذا مقدم من تأخير، والمين هو: الكذب.
- - -
مَا أَوْجَبَتْ تَنَافُرًا بَيْنَهُمَا ... أَقْسَامُهَا ثَلاَثَةٌ فَلْتُعْلَمَا
مَانِعُ جَمْعٍ أَوْ خُلُوٍّ أَوْ هُمَا ... وَهْوَ الحَقِيقِيُّ الأَخَصُّ فَاعْلَمَا