اسقني هذا طلب، وهو إنشاء فلا يتوجه إليه الصدق والكذب، لكن اسقني الماء هذا يستلزم قوله: أنا عطشان. اسقني ماءً هذا يستلزم أنه عطشان كأنه قال: أنا عطشان فاسقني ماءً. إذًا أنا عطشان هذا يحتمل الصدق والكذب، فاللفظ اسقني ماءً يحتمل الصدق والكذب، لكن لا لذاته بل للازمه، لأنه يلزم من قوله: اسقني ماءً. الإخبار عن نفسه بأنه عطشان هذا الأصل أنه لا يطلب الماء إلا إذا كان عطشان، [كاسقني الماء فإنه وإن احتمل الصدق والكذب لكن للازمه]، لا للفظه اسقني لأنه أمرٌ وهو إنشاء، لكن للازمه [الذي هو أنا عطشان، لا لذاته أي: مدلوله المطابقي الذي هو طلب السقي، ودخل في قولنا: ما احتمل الصدق لذاته. المقطوع بصدقه من الأخبار كخبر الله وخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم -] حينئذٍ نقول: هذا مقطوع بصدقة، وهو لا يحتمل الصدق والكذب باعتبار القائل، بل لا يحتمل إلا الصدق، وأما إذا لم ننظر إلى القائل حينئذٍ نقول: هذا يحتمل الصدق والكذب. [فإنه إنما قُطِعَ بصدقه النظر إلى قائله لا بالنظر لذاته، ودخل أيضًا المقطوع بكذبه من الأخبار نحو الجزء أعظم من الكل] كذب، صحيح؟ كذبٌ أم لا؟ كذب، مقطوع بكذبه؟ نعم مقطوع بكذبه، لكن من حيث هو بقطع النظر عن كون العقل قد دل على كذبه أو مقطوعًا بكذبه نقول: هذا داخل في الحد. [فإنه وإن قطع بكذبه إنما هو لتحقق خلافه بضرورة العقل]، إذًا لقرينة خارجة، فلولا ضرورة العقل الدالة على كذب هذا اللفظ لقلنا: يحتمل الصدق والكذب، حينئذٍ بقطع النظر عن الضرورة أدخلناه في الحد، إذًا ... (لِذَاتِهِ) للإخراج والإدخال، أخرج ماذا؟ أخرج الإنشاءات كالأمر اسقني ماءً، هذا خرج، لماذا؟ لأنه يدل على الخبر بلازمه، اسقني ماءً، يعني: أنا عطشان، أنا عطشان هذا خبر، لكن هنا لا لذاته، ودخل ما احتمل الصدق لذاته، ودخل المقطوع بصدقه والمقطوع بكذبه، إذًا للإخراج والإدخال، (ثُمَّ) بعدما عرف لك معنى الخبر، (ثُمَّ)، (مَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ لِذَاتِهِ جَرَى ** بَيْنَهُمُ قَضِيَّةً)، (قَضِيَّةً) هذا منصوب على الحال، والضمير المستتر في (جَرَى)، (وَخَبَرَا) هذا معطف عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015