(فَصْلٌ فِي بَيَانِ الكُلِّ وَالكُلِّيَّةِ وَالجُزْءِ وَالجُزْئِيّةِ)، (الكُلُّ حُكْمُنَا عَلَى المَجْمُوعِ) أي على جملة الأفراد من حيث كونها مجموعةً بحيث لا يستقل فردٌ منها بالحكم كقولنا: كل بني تميم يحملون الصخرة العظيمة، أي هيئتهم المجتمعة من الأفراد لا كل فردٍ منهم على حدته، ومنه قوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17]) فإنه حَكَم بالحمل على الهيئة المركبة من كل من الثمانية مجتمعين لا على كلٍّ منهم باستقلاله، ومثل المصنف الحكم على المجموع بقوله: (كَكُلُّ ذَاكَ لَيْسَ ذَا وُقُوع) وهو معنى الحديث المروي من قوله: - صلى الله عليه وسلم - «كل ذلك لم يكن». حين قال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ وكون الحديث من باب الكل يقتضي أن يكون المقصود نفي القصر والنسيان مجتمعين لا نفي كلٍّ حدته، وهذا تأويل مرجوح، والراجح أن المقصود نفي كلٍّ من القصر والنسيان على حدته، فيكون سلبًا كليًّا، لأن السؤال بأم عن أحد الأمرين لطلب التعيين، فجوابه: إما بالتعيين، وإما بنفي كل منهما لا بنفي اجتماعهما، لأن السائل لم يعتقد الاجتماع وإنما اعتقد ثبوت واحد منهما، ولأنه قد روي أن ذا اليدين قال له: بل بعض ذلك قد كان. وهذا إنما يناقض نفي كل منهما لا نفي اجتماعهما لما تقرر من أن الموجبة الجزئية إنما تناقض السالبة الكلية، ولأن القاعدة الغالبة أن كُلاً إذا تقدمت على النفي كان الكلام من عموم السلب، وكلٌّ متقدمة هنا في قوله - صلى الله عليه وسلم - «كل ذلك لم يكن». فيكون السلب عامًا لكل فردٍ بحسب الظن لا بحسب الواقع فلا كذب، وحينئذٍ تمثيل المصنف بالكل بهذا المثال غير صحيح (وَحَيْثُمَا لِكُلِّ) أي على كل (فَرْدٍ حُكِمَا فَإِنَّهُ) أي الحكم أو القضية، وذَكَّر الضمير) (لتأولها بالقول) (كُلِّيَّةٌ قَدْ عُلِمَا) نحو {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، ولا إله إلا الله (وَالحُكْمُ لِلْبَعْضِ) أي عليه (هُوَ الجُزْئِيَّةْ) نحو بعض الإنسان كاتب، وليس بعض الإنسان بكاتبٍ ... (وَالجُزْءُ مَعْرِفَتُهُ جَلِيَّهْ) أي ظاهرة فهو ما تركب منه ومن غيره كلٌّ كالحيوان فهو جزء بالنسبة للإنسان لتركبه منه ومن الناطق، ويسمى ذلك جزءًا طبيعيًّا، وكالسقف بالنسبة إلى البيت لتركبه منه ومن الجدْرِان، ويسمى ذلك جزءًا ماديًّا.

ــــــــــــــــــ - الشرح - ــــــــــــــــــ

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ الكُلِّ وَالكُلِّيَّةِ وَالجُزْءِ وَالجُزْئِيّةِ)

الكُلُّ حُكْمُنَا عَلَى المَجْمُوعِ ... كَكُلُّ ذَاكَ لَيْسَ ذَا وُقُوعِ

وَحَيْثُمَا لِكُلِّ فَرْدٍ حُكِمَا ... فَإِنَّهُ كُلِّيَّةٌ قَدْ عُلِمَا

وَالحُكْمُ لِلْبَعْضِ هُوَ الجُزْئِيَّةْ ... وَالجُزْءُ مَعْرِفَتُهُ جَلِيَّةْ

يعني: واضحة.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ الكُلِّ وَالكُلِّيَّةِ وَالجُزْءِ وَالجُزْئِيّةِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015