(الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة (الْمَادَّة / 11))
يَعْنِي أَنه إِذا وَقع الِاخْتِلَاف فِي زمن حُدُوث أَمر فَحِينَئِذٍ ينْسب إِلَى أقرب الْأَوْقَات إِلَى الْحَال، مَا لم تثبت نسبته إِلَى زمن بعيد فَإِذا ثبتَتْ نسبته إِلَى الزَّمن الْبعيد يحكم بذلك، وَهَذَا إِذا كَانَ الْحُدُوث مُتَّفقا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا وَقع الِاخْتِلَاف فِي تَارِيخ حُدُوثه، كَمَا يفِيدهُ قَوْلهم فِي الْمَادَّة الْمَذْكُورَة: " يَعْنِي أَنه إِذا وَقع الِاخْتِلَاف فِي زمن حُدُوث أَمر "، أما إِذا كَانَ الْحُدُوث غير مُتَّفق عَلَيْهِ بِأَن كَانَ الِاخْتِلَاف فِي أصل حُدُوث الشَّيْء وَقدمه، كَمَا لَو كَانَ فِي ملك أحدٍ مسيل لآخر وَوَقع بَينهمَا اخْتِلَاف فِي الْحُدُوث والقدم، فَادّعى صَاحب الدَّار حُدُوثه وَطلب رَفعه وَادّعى صَاحب المسيل قدمه، فَإِن القَوْل لمُدعِي الْقدَم، وَالْبَيِّنَة لمُدعِي الْحُدُوث، حَتَّى إِذا أَقَامَ كل مِنْهُمَا بَينته رجحت بَيِّنَة مدعي الْحُدُوث وَهُوَ صَاحب الدَّار. (ر: الْمَادَّة / 1768 / من الْمجلة، ومرآة الْمجلة، نقلا عَن الْقنية) وَذَلِكَ لِأَن بَينته تثبت ولَايَة النَّقْض فَكَانَت أولى، أما مدعي الْقدَم فَهُوَ مُنكر متمسك بِالْأَصْلِ. (ر: تَنْقِيح الْفَتَاوَى الحامدية) .
ثمَّ إِن الْوَجْه فِي كَون الأَصْل إِضَافَة الْحَادِث إِلَى أقرب أوقاته هُوَ أَن الْخَصْمَيْنِ لما اتفقَا على حُدُوثه، وَادّعى أَحدهمَا حُدُوثه فِي وَقت وَادّعى الآخر حُدُوثه قبل ذَلِك الْوَقْت، فقد اتفقَا على أَنه كَانَ مَوْجُودا فِي الْوَقْت الْأَقْرَب، وَانْفَرَدَ أَحدهمَا بِدَعْوَى أَنه كَانَ مَوْجُودا قبل ذَلِك، وَالْآخر يُنكر دَعْوَاهُ، وَالْقَوْل للْمُنكر.