وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَن ذَلِك عَام فِي كل أَمِين كَانَت يَده لَيست يَد استحفاظ من الْمَالِك، كوارث الْمُودع وَمن أَلْقَت الرّيح ثوبا فِي دَاره وَنَحْوهمَا.

أما لَو كَانَ الْمُسْتَعِير غير مستعير لينْتَفع بل ليرهن الْعين المعارة، وَهُوَ الْمُسَمّى بالمستعير للرَّهْن، فَإِن حكمه كَسَائِر الْأُمَنَاء، فَإِذا تعدى على الْعين المعارة وَهِي فِي يَده، أَي قبل أَن يرهنها أَو بَعْدَمَا افتكها، ثمَّ أَزَال التَّعَدِّي يبرأ عَن الضَّمَان.

وَالْفرق بَين الْمُسْتَعِير لعمل نَفسه وَالْمُسْتَأْجر وَبَين الْمُودع وَمن بِمَعْنَاهُ كالمستعير للرَّهْن، أَن الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور أَو الْمُسْتَأْجر عَامل لنَفسِهِ فَكَانَت يَده على الْعين يَد نَفسه لَا يَد مَالِكهَا، فَبعد إِزَالَة التَّعَدِّي وَالْعود إِلَى الْوِفَاق تبقى يَده فَلَا يُمكن أَن يعْتَبر ردا على الْمَالِك لَا حَقِيقَة وَلَا حكما، بِخِلَاف الْمُودع وَمن بِمَعْنَاهُ فَإِن يَده على الْعين كيد مَالِكهَا فبالعود إِلَى الْوِفَاق تظهر يَد الْمَالِك فَيصير راداً عَلَيْهِ حكما فَيبرأ عَن الضَّمَان. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته رد الْمُحْتَار، كتاب الْوَدِيعَة، وَكتاب الرَّهْن بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ) .

تَنْبِيه: أطلق فِي بعض الْكتب ضَمَان الْمُسْتَعِير وَالْمُسْتَأْجر فِيمَا إِذا تَعَديا ثمَّ أزالا التَّعَدِّي، وَلم يفصل بَين مَا إِذا كَانَت انْتَهَت الْإِعَارَة وَالْإِجَارَة أَو لم تكن انْتَهَت، وَنقل فِي الْفَصْل الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ من نور الْعين عَن الْهِدَايَة تَرْجِيحه بعلامة الْأَصَح.

وَبَعْضهمْ فصل بَين مَا إِذا كَانَت انْتَهَت الْإِعَارَة وَالْإِجَارَة فَلَا يبرأ إِلَّا بِالرَّدِّ على الْمَالِك، وَبَين مَا إِذا كَانَت لم تَنْتَهِ فَيبرأ بِالْعودِ، وَنقل أَيْضا فِي نور الْعين عَن الْكَافِي تَرْجِيحه بعلامة الْأَصَح.

لكنه نقل فِي الْمحل الْمَذْكُور. قبل ذَلِك بأسطر، أَن القَوْل بضمانها مُطلقًا من غير تَفْصِيل عَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَلِكَ حكى فِي الْفَصْل الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ من جَامع الْفُصُولَيْنِ، من بحث رد الْعَارِية وَمَا يتَعَلَّق بِهِ، أَن الْفَتْوَى على أَنه لَا يبرأ بِالْعودِ إِلَى الْوِفَاق.

6 - وَأما الْعُقُوبَات: فكالقصاص: فَإِنَّهُ يتَوَقَّف على أَن يقْصد الْقَاتِل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015