وليخرج الْمُضْطَر لأكل طَعَام الْغَيْر فَإِنَّهُ يضمن قِيمَته (ر: مَا تقدم فِي الْمَادَّة / 33) . وليخرج مَا لَو هدم دَار جَاره وَقت الحرق لمنع سريان الْحَرِيق بِغَيْر إِذن ولي الْأَمر وَبِغير إِذن صَاحبهَا، فَإِنَّهُ يجوز لَهُ ذَلِك وَيضمن قيمتهَا معرضة للحريق (ر: الْمَادَّة / 919 من الْمجلة والمرآة) لِأَنَّهُ فعل ذَلِك الْهدم لأجل نَفسه.
ثمَّ إِن مَفْهُوم الْقَاعِدَة أَن عدم الْجَوَاز الشَّرْعِيّ لَا يُنَافِي الضَّمَان وَلَا يأباه، وَلَكِن هَل يستلزمه أَو لَا يستلزمه؟ مَحل نظر. وَقد صرح فِي رد الْمُحْتَار (أَوَائِل اللّقطَة) بِأَن الْإِثْم لَا يسْتَلْزم الضَّمَان، وَقَالَ: وَاسْتدلَّ لَهُ فِي الْبَحْر بِمَا قَالُوا: لَو منع الْمَالِك عَن أَمْوَاله حَتَّى هَلَكت يَأْثَم وَلَا يضمن.
أَقُول: وَيدل لَهُ أَيْضا مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِكْرَاه من أَنه لَو أكره بملجئ على قتل الْغَيْر أَو قطع عضوه لَا يحل لَهُ الْإِقْدَام. فَلَو فعل فالقصاص على الْمُكْره (بِالْكَسْرِ) وَيُؤَيِّدهُ أَيْضا مَا لَو دلّ وَارِث الْمُودع السَّارِق على الْوَدِيعَة فسرقها، فَإِنَّهُ لَا يضمن (كَمَا تقدم فِي الْكَلَام على الْمَادَّة السَّابِقَة) .
وكما لَو قصر الْمُتَوَلِي فِي مُطَالبَة الْمُسْتَأْجر بِالْأُجْرَةِ حَتَّى اجْتمع عَلَيْهِ مَال كثير فهرب لَا يضمن (ر: الْفَتَاوَى الانقروية، من الْوَقْف، الْبَاب الثَّامِن) .
وَكَذَا لَو قصر الْمُتَوَلِي فِي رفع الْمُسْتَأْجر للْحَاكِم لإبلاغ الْأُجْرَة إِلَى أجر الْمثل إِذا كَانَ الْمُسْتَأْجر مُمْتَنعا عَن دَفعهَا، مَعَ قدرته على رَفعه، لَا يضمن (ر: الْأَشْبَاه، من الْوَقْف) .
وكما لَو أودع اثْنَان مثلِيا عِنْد آخر لم يجز لَهُ أَن يدْفع لأَحَدهمَا حِصَّة مِنْهُ بغيبة الآخر، وَلَو دفع لَا يضمن اسْتِحْسَانًا، وَرجحه فِي الْبَحْر، وَاخْتَارَ النَّسَفِيّ والمحبوبي الضَّمَان (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، من الْوَدِيعَة) .
وكما لَو سعى بِبَرِيءٍ إِلَى ظَالِم قد يغرم وَقد لَا يغرم.
فَكل مَا ذكر من هَذِه الْأَعْمَال غير جَائِز شرعا وَلم يوجبوا بِهِ ضمانا.