(الْقَاعِدَة التَّاسِعَة وَالثَّمَانُونَ (الْمَادَّة / 90))
" إِذا اجْتمع الْمُبَاشر " للْفِعْل، أَي الْفَاعِل لَهُ بِالذَّاتِ " والمتسبب " لَهُ، أَي المفضي والموصل إِلَى وُقُوعه " يُضَاف الحكم إِلَى الْمُبَاشر " لما تقدم فِي الْمَادَّة السَّابِقَة، من أَن الْفَاعِل هُوَ الْعلَّة المؤثرة، وَالْأَصْل فِي الْأَحْكَام أَن تُضَاف إِلَى عللها المؤثرة لَا إِلَى أَسبَابهَا الموصلة، لِأَن تِلْكَ أقوى وَأقرب، إِذْ المتسبب هُوَ الَّذِي تخَلّل بَين فعله والأثر الْمُتَرَتب عَلَيْهِ، من تلف أَو غَيره، فعل فَاعل مُخْتَار، والمباشر هُوَ الَّذِي يحصل الْأَثر بِفِعْلِهِ من غير أَن يَتَخَلَّل بَينهمَا فعل فَاعل مُخْتَار، فَكَانَ أقرب لإضافة الحكم إِلَيْهِ من المتسبب. قَالَ الرَّمْلِيّ فِي حَاشِيَته على جَامع الْفُصُولَيْنِ (فِي الْفَصْل / 33 صفحة 124) : إِذا اجْتمع الْمُبَاشر والمتسبب فالمباشر مقدم، كالعلة وَعلة الْعلَّة، وَالْحكم يُضَاف إِلَى الْعلَّة لَا إِلَى عِلّة الْعلَّة.
مثلا لَو حفر رجل بِئْرا فِي الطَّرِيق الْعَام بِلَا إِذن ولي الْأَمر، فَألْقى أحد حَيَوَان شخص فِي تِلْكَ الْبِئْر، ضمن الَّذِي ألْقى الْحَيَوَان، لِأَنَّهُ الْعلَّة المؤثرة وَلم يَتَخَلَّل بَين فعله والتلف فعل فَاعل مُخْتَار، دون حافر الْبِئْر، لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ فعله مفضياً وموصلاً إِلَى التّلف، إِلَّا أَن التّلف لم يحصل بِفِعْلِهِ، بل تخَلّل بَين فعله والتلف فعل فَاعل مُخْتَار، وَهُوَ مبَاشر الْإِلْقَاء بِلَا وَاسِطَة، فَكَانَ الضَّمَان عَلَيْهِ. حَتَّى لَو لم يَتَخَلَّل بَين فعله والتلف فعل فَاعل مُخْتَار بِأَن تدهور فِيهِ الْحَيَوَان بِلَا صنع أحد ضمن الْحَافِر إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا بِأَن كَانَ حفره بِغَيْر إِذن ولي