مِنْهُ، فَلَا نحكم بِأَنَّهُ من الثَّانِي بِمُجَرَّد الشَّك الْحَاصِل بِسَبَب حبلها من الزَّوْج الثَّانِي، فَإِذا ولدت يحكم حينئذٍ بِأَن اللَّبن بعد الْولادَة من الثَّانِي. (ر: الدّرّ وحاشيته رد الْمُحْتَار، كتاب الرَّضَاع) .
إِن الشَّك، وَإِن كَانَ لَا يقوى على رفع مَا ثَبت حُصُوله يَقِينا فِيمَا مضى، فَإِنَّهُ قد يمْنَع وجوده حُصُول مَا يُزِيلهُ بعد وجوده، يدل لذَلِك مَا جَاءَ فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ: برهن الْمُدعى عَلَيْهِ بعد الحكم، أَن الْمُدَّعِي أقرّ قبل الدَّعْوَى أَنه لَا حق لَهُ فِي الْعين الْمُدعى بهَا فَإِنَّهُ لَا يبطل الحكم، لجَوَاز التَّوْفِيق بِأَن يكون لَا حق لَهُ قبل الدَّعْوَى ثمَّ حدث لَهُ حق فَادّعى، فَلَا يبطل الحكم الْجَائِز: بشكٍ، وَلَو برهن على ذَلِك قبل الحكم تقبل وَلَا يحكم، إِذْ الشَّك يمْنَع الحكم وَلَا يرفعهُ. (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، أَوَاخِر الْفَصْل الْعَاشِر، ج 1 / 165، برمز " مش " لمنهاج الشَّرِيعَة - بِبَعْض توضيح) . وَنقل عَن صَاحب التَّنْقِيح أَنه قَالَ عَقبهَا: لَكِن يَنْبَغِي أَن يكون هَذَا مَبْنِيا على القَوْل بِأَن إِمْكَان التَّوْفِيق كَاف.
وَلَكِن لم يظْهر لي صِحَة مَا ادَّعَاهُ من الْبناء الْمَذْكُور أصلا، وَالَّذِي حمله على القَوْل بِهَذَا قَول صَاحب جَامع الْفُصُولَيْنِ بِجَوَاز التَّوْفِيق بِأَن يكون ... الخ. فَإِنَّهُ اعْتَبرهُ بَيَانا لما هُوَ مُمكن من التَّوْفِيق، وَلَيْسَ بِظَاهِر بل هُوَ تَوْجِيه وتعليل لعدم بطلَان الحكم، بعد وُقُوعه مُسْتَوْفيا طَرِيقه الشَّرْعِيّ، بِهَذَا الدّفع الْمَشْكُوك فِي إِبْطَاله لَهُ، بِخِلَاف مَا قبل وُقُوعه فَإِنَّهُ دفع لَهُ عَن الْوُقُوع، وَالدَّفْع أسهل من الرّفْع. وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ لما اخْتلف حكم الْإِتْيَان بِالدفع الْمَذْكُور قبل الحكم