طَلقهَا قبل الْخلْع ثَلَاثًا مثلا، فبرهنت على ذَلِك، تقبل بينتها وتسترد الْبَدَل (ر: الدّرّ وحاشيته، من آخر بَاب الِاسْتِحْقَاق) .
وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو ادّعى نِكَاحهَا فأنكرت فصالحها على بدلٍ على أَن تقر بِالنِّكَاحِ، ثمَّ وجد بَيِّنَة على النِّكَاح الأول الْمُدعى، لَا يرجع بِالْبَدَلِ لِأَنَّهُ كزيادة فِي الْمهْر (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، الْفَصْل المكمل الْعشْرين، ص 258) .
من الْمَعْلُوم أَن المتناقض إِذا صَار مُكَذبا شرعا بتكذيب الْحَاكِم لَهُ يرْتَفع تناقضه، فَلَو ادّعى عينا فِي يَد آخر أَنَّهَا ملكه، فَأجَاب الْمُدعى عَلَيْهِ بقوله: إِن الْعين كَانَت ملك فلَان وَأَنا اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ، وَأقَام الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة على دَعْوَاهُ وَحكم لَهُ بِالْعينِ، رَجَعَ الْمُدعى عَلَيْهِ على بَائِعه بِالثّمن، لِأَن التَّنَاقُض الَّذِي وَقع بَين إِقْرَاره بِكَوْن الْعين للْبَائِع وَبَين رُجُوعه بِالثّمن بعد الحكم قد ارْتَفع بتكذيب الْحَاكِم لَهُ فِي إِقْرَاره (ر: الْمَادَّة / 1654) .
وأمثلة هَذَا كَثِيرَة.
وَلَكِن هَذَا مُقَيّد بِمَا إِذا كَانَ المتناقض يجْرِي فِي رُجُوعه عَن تناقضه على مَا قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة، كالمثال الْمَذْكُور، أما إِذا كَانَ يُرِيد أَن يجْرِي على خلاف مَا قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة فَإِنَّهُ لَا يسمع مِنْهُ ذَلِك وَلَا تقبل: فَلَو ادّعى على آخر دينا فَأنْكر الْمُدعى عَلَيْهِ بقوله: مَا كَانَ لَك عَليّ شَيْء قطّ وَلَا أعرفك فبرهن الْمُدَّعِي على الدّين، فبرهن الْمُدعى عَلَيْهِ على الْإِيفَاء، أَو على الْإِبْرَاء، لَا تقبل.
وَكَذَلِكَ لَو ادّعى على آخر عينا بِالشِّرَاءِ مِنْهُ، فَأنْكر البيع، فبرهن عَلَيْهِ المُشْتَرِي، ثمَّ وجد بِالْمَبِيعِ عَيْبا فَأَرَادَ رده عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ، فبرهن البَائِع أَنه برِئ إِلَيْهِ من كل عيب لَا تقبل بَينته مَعَ أَنه صَار مُكَذبا بِالْقضَاءِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَن الْبَيِّنَة قَامَت على قيام الدّين فِي الأول، وعَلى بيع مُطلق مُوجب لتسليم الْمَبِيع سليما فِي الثَّانِي. وبدعواه الْإِيفَاء أَو الْإِبْرَاء فِي الأول، والبراءة من الْعُيُوب فِي