بِسَبَب الْإِقْرَار، إِلَّا فِي مسَائِل تقدّمت فِي الْكَلَام على الْمَادَّة التَّاسِعَة عشرَة يعْتَبر فِيهَا الْقَضَاء وَاقعا بِالْبَيِّنَةِ، لِئَلَّا يتَضَرَّر الْمُدعى عَلَيْهِ إِذا اعْتبر وَاقعا بِسَبَب الْإِقْرَار فلتراجع. انْتهى.
مِمَّا خرج عَن هَذِه الْقَاعِدَة أَيْضا مَا فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من جَامع الْفُصُولَيْنِ (صفحة / 202) برمز الْجَامِع الْكَبِير: وَكيل البيع أقرّ بِقَبض مُوكله الثّمن يبرأ المُشْتَرِي، كَمَا لَو أقرّ بِقَبض نَفسه. انْتهى.
وَنقل صَاحب جَامع الْفُصُولَيْنِ بعد هَذَا عَن صَاحب الذَّخِيرَة أَنه قَالَ: فعلى قِيَاس هَذِه الْمَسْأَلَة يَنْبَغِي أَن يَصح إِقْرَاره بِقَبض الطَّالِب فِي مَسْأَلَة الْوَكِيل بِقَبض الدّين. وَقَالَ صَاحب جَامع الْفُصُولَيْنِ عقبه: " أَقُول: يُمكن الْفرق بَينهمَا بِأَن وَكيل البيع أصيل فِي قبض الثّمن تعود الْحُقُوق إِلَيْهِ، كَمَا هُوَ مُقَرر فِي مَحَله، فَلهُ أَن يُوكل غَيره بِقَبض ثمنه، كَمَا مر قبيل هَذَا، فَأقر بِمَا لَهُ تسليطه فصح، بِخِلَاف وَكيل الْقَبْض إِذْ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيل فَكَانَ مقرا بِمَا لَيْسَ لَهُ تسليطه فلغا. وَالله أعلم ".
وَنقل هَذَا الْفرق فِي نور الْعين وَاسْتَشْكَلَهُ بِأَن وَكيل الْخُصُومَة يَصح إِقْرَاره على مُوكله فِي مجْلِس القَاضِي لَا فِي غير مجْلِس القَاضِي وَإِن انْعَزل بِهِ. ثمَّ قَالَ: فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يَصح إِقْرَار الْوَكِيل بِقَبض الطَّالِب كَمَا قَالَ صَاحب الذَّخِيرَة آنِفا.
ثمَّ أيد كَلَام صَاحب الذَّخِيرَة بِمَا ذكره مُحَمَّد فِي الأَصْل من أَن وَكيل الْخُصُومَة أَو الْقَبْض لَو أقرّ فِي مجْلِس الْقَضَاء بِقَبض مُوكله، وَالْمُوكل قد اسْتثْنى إِقْرَاره لم يجز. انْتهى. ثمَّ قَالَ: وَوَجهه التأييد هُوَ أَن الْمَفْهُوم من قَوْله: " وَالْمُوكل قد اسْتثْنى إِقْرَاره " أَنه لَو لم يسْتَثْن جَازَ إِقْرَاره عَلَيْهِ. انْتهى كَلَام نور الْعين.
ولي فِيهِ نظر، فَإِن جَوَاب صَاحب الْفُصُولَيْنِ سديد، وَمَا استشكله بِهِ فِي نور الْعين لَا يرد عَلَيْهِ، فَإِن إِقْرَار وَكيل قبض الدّين بِقَبض مُوكله جنس، وَإِقْرَار