لَا تقبل، أَو أَقَامَ بَيِّنَة شهِدت بِأَنَّهُ فِي الْيَوْم الْمَذْكُور لم يكن فِي ذَلِك الْمَكَان لَا تقبل.
نعم، إِذا كَانَ عدم وجوده فِي ذَلِك الْمَكَان أمرا مستفيضاً متواتراً عِنْد النَّاس لَا تسمع الدَّعْوَى بِهِ، لِئَلَّا يلْزم تَكْذِيب الثَّابِت بِالضَّرُورَةِ (كَمَا فِي رد الْمُحْتَار، قبيل بَاب الِاخْتِلَاف فِي الشَّهَادَة) .
وَلم يقبلُوا الشَّهَادَة على النَّفْي إِلَّا فِي الشُّرُوط (كَمَا فِي رد الْمُحْتَار، من بَاب الْيَمين فِي البيع وَالشِّرَاء، من كتاب الْأَيْمَان، نقلا عَن الْمَبْسُوط) .
ثمَّ الشُّرُوط على قسمَيْنِ: الْقسم الأول _ الشُّرُوط الْمُعَلق عَلَيْهَا: كَمَا لَو علق طَلَاق زَوجته على عدم فعل الشَّيْء الْفُلَانِيّ فِي وَقت معِين، ثمَّ اخْتَصمَا بعد مُضِيّ الْوَقْت الْمعِين، فَادّعى أَنه فعله، وَادعت أَنه لم يَفْعَله، فَإِن القَوْل قَوْله بِيَمِينِهِ أَنه فعله، لِأَنَّهُ بِدَعْوَاهُ الْفِعْل يُنكر وُقُوع الطَّلَاق، وَالْبَيِّنَة بينتها. فَلَو أَقَامَت بَيِّنَة شهِدت أَنه لم يَفْعَله فِي ذَلِك الْوَقْت تقبل وَيقْضى بِوُقُوع الطَّلَاق.
وَكَذَا لَو قَالَ الآخر: إِن لم أوافك بمديونك فلَان فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ فَأَنا كَفِيل بِمَا لَك عَلَيْهِ، ثمَّ اخْتلفَا بعد مُضِيّ الْيَوْم الْمَذْكُور فَقَالَ: وافيتك بِهِ، وَأنكر الدَّائِن، فَالْبَيِّنَة بَيِّنَة الدَّائِن على أَنه لم يوافه بِهِ وَالْقَوْل قَول الآخر بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنكر الْكفَالَة. وَانْظُر مَا نَقَلْنَاهُ فِي كلامنا على الْمَادَّة التَّاسِعَة، عَن الْبَاب السَّابِع من الْكفَالَة من كتاب الذَّخِيرَة، فَإِنَّهُ ضَرُورِيّ.
فَإِذا اخْتلف المتعاقدان فِي صِحَة عقد وفساده، فَالْقَوْل قَول مدعي الصِّحَّة، وَالْبَيِّنَة بَيِّنَة مدعي الْفساد (كَمَا هُوَ مَعْلُوم) حَتَّى لَو كَانَ الْفساد لفقد شَرط من شُرُوط الصِّحَّة فَالْبَيِّنَة بَيِّنَة مدعي الْفساد على نفي وجوده. فقد قَالَ فِي الْفَصْل الثَّانِي عشر من جَامع الْفُصُولَيْنِ: ادّعى الْمُسلم إِلَيْهِ أَن السّلم فَاسد لِأَنَّهُ لم يذكر الْأَجَل تقبل بَينته، لِأَن الْأَجَل شَرط لصِحَّة السّلم، فَتقبل الْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَلَو كَانَ نفيا.