عَلَيْهِ بِمَوْت أَبِيه وَبِأَنَّهُ ابْنه ووارثه أَو اسْتحْلف على الْعلم بذلك فنكل، ثمَّ أنكر المَال، فَإِن للْمُدَّعِي أَن يحلفهُ على المَال (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ صفحة / 28، الْفَصْل الثَّامِن وَالْعِشْرين) . وَوجه ذَلِك، فِيمَا يظْهر لي، أَن أصل كَونه خصما قد ثَبت بِإِقْرَار الْمُدعى عَلَيْهِ أَو بِمَا هُوَ فِي حكم الْإِقْرَار (وَهُوَ نُكُوله عَن الْيَمين) على أبي الْمُدَّعِي بِالْمَوْتِ. وَبِأَن الْمُدَّعِي ابْنه ووارثه، وَالْإِقْرَار حجَّة قَاصِرَة، فَيملك الْمُدعى بِهِ من صَلَاحِية الْخُصُومَة مَا يوصله إِلَى مَا فِي حكم الْإِقْرَار، وَهُوَ النّكُول المرجو من الِاسْتِحْلَاف، فَإِن الشَّيْء يستتبع مَا هُوَ مثله، وَلَا يملك إِقَامَة الْبَيِّنَة لِأَنَّهَا حجَّة متعدية، وخصومته قد ملكهَا بِحجَّة قَاصِرَة، وَهُوَ الْإِقْرَار، فَلَا يملك بهَا مَا فَوْقهَا، إِذْ الشَّيْء لَا يستتبع مَا هُوَ فَوْقه. حَتَّى لَو كَانَ أثبت بِالْبَيِّنَةِ موت أَبِيه وَأَنه وَارثه فَلَا شكّ أَن لَهُ حِينَئِذٍ صَلَاحِية إِقَامَة الْبَيِّنَة على المَال، كَمَا هُوَ ظَاهر وَمُسلم.
وَيظْهر لي أَن مثل الدَّعْوَى بِالْإِرْثِ على الْوَجْه المسطور فِي " الْفُصُولَيْنِ " الدَّعْوَى بِحكم الْوكَالَة أَو بِحكم الْوِصَايَة، كَمَا لَو ادّعى على آخر أَنه وَكيل فلَان بِقَبض دينه مِنْهُ أَو أَنه وَصِيّ فلَان وَأَنه يُطَالِبهُ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ فَأقر الْمُدعى عَلَيْهِ بِالْوكَالَةِ أَو الْوِصَايَة وَأنكر المَال، أَو أنكر الْوكَالَة أَو الْمَوْت والوصاية، فاستحلف (بِنَاء على الصَّحِيح من أَنه يحلف) كَمَا فِي الدّرّ الْمُخْتَار من بَاب دَعْوَى النّسَب، فنكل ثمَّ أنكر المَال، فَإِن الْمُدَّعِي، وَالْحَالة هَذِه، يكون خصما فِي تَحْلِيفه على المَال لَا فِي إِقَامَة الْبَيِّنَة لما ذكرنَا، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.
ثمَّ رَأَيْت فِي رد الْمُحْتَار (أَوَاخِر بَاب الْوكَالَة بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْض عِنْد قَول الشَّارِح: " الْوكَالَة الْمُجَرَّدَة لَا تدخل تَحت الحكم، وَبَيَانه فِي الدُّرَر ") مَا لَفظه: " قَوْله: وَبَيَانه فِي الدُّرَر " قَالَ فِيهَا: قَالَ فِي الصُّغْرَى: الْوَكِيل يقبض الدّين إِذا أحضر خصما فَأقر بِالتَّوْكِيلِ وَأنكر الدّين لَا تثبت الْوكَالَة، حَتَّى لَو أَرَادَ الْوَكِيل إِقَامَة الْبَيِّنَة على الدّين لَا تقبل. انْتهى. وَالظَّاهِر أَن مُرَاد الْفَتَاوَى بقوله: لَا تثبت الْوكَالَة، أَي فِي حق الْمُوكل أما فِي حق الْمُدعى عَلَيْهِ الْمقر بهَا فَإِنَّهَا تثبت وَيملك تَحْلِيفه على الدّين، لَا إِقَامَة الْبَيِّنَة عَلَيْهِ.
- وَتارَة يكون للْمُدَّعِي صَلَاحِية إِقَامَة الْبَيِّنَة على مَا يَدعِيهِ من عين فِي يَد