جَهَالَة عينه أم جَهَالَة قِيمَته؟ صَرِيح كَلَام رد الْمُحْتَار من كتاب الدَّعْوَى، نقلا عَن الْخَانِية وَغَيرهَا، عِنْد قَول الْمَتْن: (ومعلومية الْمُدعى إِذْ لَا يقْضى بِمَجْهُول) يُفِيد أَن الْجَهَالَة مغتفرة وَلَو كَانَت جَهَالَة عين الْمُدعى بِهِ. وعَلى هَذَا فاغتفار قِيمَته بعد معلومية عينه بِالْأولَى.
(تَنْبِيه رَابِع:)
لَو ادّعى على آخر دينا، فَحلف الْمُدعى عَلَيْهِ بِطَلَاق زَوجته أَنه لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ دين، فبرهن بعد ذَلِك الْمُدَّعِي أَن لَهُ عَلَيْهِ كَذَا، فَهَل يَحْنَث الْمُدعى عَلَيْهِ أم لَا؟ ذكر فِي الْخَامِس عشر من نور الْعين أَن الْفَتْوَى على أَنه إِذا ادَّعَاهُ بِلَا سَبَب وَبرهن عَلَيْهِ يظْهر كذب الْحَالِف، وَلَو ادَّعَاهُ بِسَبَب وَبرهن على السَّبَب لَا يظْهر كذبه. وَأطلق فِي الدُّرَر، فِي كتاب الدَّعْوَى، عدم ظُهُور كذبه بِإِقَامَة الْبَيِّنَة، وَقَالَ: إِنَّه الصَّوَاب، وَعزا ذَلِك إِلَى الزَّيْلَعِيّ. وَقَالَ فِي رد الْمُحْتَار، فِي كتاب الدَّعْوَى: إِن مَا ذكره فِي الدُّرَر من عدم الْحِنْث مُطلقًا هُوَ رِوَايَة أُخْرَى عَن مُحَمَّد. انْتهى بِالْمَعْنَى. فقد اخْتلف التَّصْحِيح، وَقَول الزَّيْلَعِيّ: إِن عدم ظُهُور كذبه مُطلقًا بِإِقَامَة الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة هُوَ الصَّوَاب يُفِيد أَن مُقَابِله خطأ، وَالْوَجْه يشْهد لما قَالَه الزَّيْلَعِيّ، وَذَلِكَ لِأَن الْبَيِّنَة إِن قَامَت على السَّبَب فَالْأَمْر ظَاهر، وَإِن قَامَت على الْحق من غير بَيَان السَّبَب فَلَا شكّ فِي أَنَّهَا مستندة إِلَى مَا عاينته عِنْد التَّحَمُّل من السَّبَب وَإِن جزمها عِنْد الْأَدَاء بِقِيَام الْحق مَبْنِيّ على الِاسْتِصْحَاب وعَلى كَون الأَصْل بَقَاء الْحق بعد ثُبُوته وَإِن لم تصرح بِهِ، إِذْ الْإِحَاطَة علما بِبَقَائِهِ وقيامه للْحَال وَعدم عرُوض إِيفَاء أَو أَدَاء عَلَيْهِ غير مُمكنَة غَالِبا، فَهِيَ مستندة فِي جزمها بِقِيَام الدّين عِنْد الْأَدَاء إِلَى مَا يُفِيد الظَّن، فَكيف يظْهر بهَا كذب الْمُدعى عَلَيْهِ فِي حلفه؟ هَذَا هُوَ الْتِزَام مَا لَا يلْزم! (ر: مَا كتبناه فِي التَّنْبِيه الأول من الْقَاعِدَة التَّاسِعَة: " مَا ثَبت بِزَمَان يحكم بِبَقَائِهِ " عَن جَامع الْفُصُولَيْنِ وَعَن معِين الْحُكَّام) .
(تَنْبِيه:)
نقل فِي تَكْمِلَة رد الْمُحْتَار (من الْجلد الأول صفحة / 295 فِي أَوَائِل كتاب الدَّعْوَى) أَن قبُول الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ (أَي من الْأَعْيَان الَّتِي تصح الدَّعْوَى بهَا مَعَ