الْوَكِيل بِالْبيعِ قبض مُوكله الثّمن مِنْهُ وَأنكر الْوَكِيل ذَلِك يحلف على أَنه لَا يعلم لِأَنَّهُ لَو أقرّ الْوَكِيل بِالْبيعِ بِقَبض مُوكله الثّمن يبرأ المُشْتَرِي، كَمَا لَو أقرّ بِقَبض نَفسه (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، الْفَصْل الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ، صفحة / 202 برمز الْجَامِع الْكَبِير وَسَيَأْتِي فِي مستثنيات الْقَاعِدَة / 78) .
ثمَّ اسْتشْكل صَاحب جَامع الْفُصُولَيْنِ عدم التَّحْلِيف فِي الْفُرُوع الْمَذْكُورَة بقوله: فَإِن قلت فِيهِ فَائِدَة، وَهِي قصر يَده، قلت: أُرِيد بالفائدة أَن يكون نُكُوله كنكول مُوكله وَلَيْسَ كَذَلِك، وَلكنه لَا يَخْلُو عَن المناقشة، لتحَقّق الْفَائِدَة فِي الْجُمْلَة، فَلم لم يكف هَذَا الْقدر فِي جَوَاز التَّحْلِيف؟ انْتهى. وَسكت عَن إشكاله هَذَا محشيه الرَّمْلِيّ وَصَاحب نور الْعين، وَلم يجيبا عَنهُ بِشَيْء. وَالَّذِي يظْهر أَن استشكاله بقوله: وَلكنه لَا يَخْلُو عَن المناقشة لتحَقّق الْفَائِدَة ... الخ غير وَارِد أصلا، وَذَلِكَ لِأَن الْفَائِدَة المتحققة فِي الْجُمْلَة هُوَ قصر يَد الْمُدَّعِي من وَكيل وَأب ووصي كَمَا ذكر قبلا. وَقصر يَده إِنَّمَا [هُوَ] ثَمَرَة تنَاقض لَا ثَمَرَة نَفاذ إِقْرَاره على من يَدعِي عَنهُ، فَإِن إِقْرَاره لَيْسَ نَافِذا عَلَيْهِ دَعْوَاهُ مَعَ إِقْرَاره الَّذِي احتوى عَلَيْهِ نُكُوله (إِذا اسْتحْلف فنكل) ، والنكول لَيْسَ قَطْعِيا فِي الْإِقْرَار، بل هُوَ مُحْتَمل للبذل كَمَا هُوَ مُحْتَمل للإقرار، فعلى تَقْدِير كَونه إِقْرَارا يصير متناقضاً وتناقضه نَافِذ عَلَيْهِ، فتقصر يَده، وعَلى تَقْدِير كَونه بذلاً لَا يصير متناقضاً، وبذله كإقراره فَلَا ينفذ على غَيره فَلَا تقصر يَده، وَحقّ الادعاء ثَابت لَهُ بِيَقِين فَلَا يمْنَع عَنهُ بِمَا هُوَ مَشْكُوك فِيهِ. فَإِذن لم يفد التَّحْلِيف فَائِدَته الْمَطْلُوبَة فِي هَذِه الصُّور فَلَا يجْرِي فِيهَا.
وكما يشْتَرط فِي الْيَمين أَن يتَوَقَّف عَلَيْهَا قطع النزاع يشْتَرط فِيهَا أَيْضا أَن يكون النّكُول عَنْهَا مُفِيدا للْمُدَّعِي، فَلَو كَانَ النّكُول عَنْهَا لَا يُفِيد الْمُدَّعِي فَلَا يسْتَحْلف الْخصم، فَفِي جَامع الْفُصُولَيْنِ: اشْترى دَارا بَابهَا فِي سكَّة نَافِذَة وَكَانَ لَهَا بَاب قديم فِي سكَّة غير نَافِذَة، فَأَرَادَ أَن يفتح بَابهَا الْقَدِيم، فَلَو أقرّ أهل السِّكَّة بذلك الْبَاب فَلهُ فَتحه كبائعه، لقِيَامه مقَامه. وَلَو أنكر أهل السِّكَّة حلفوا، فَلَو حلفهم وَاحِدًا بعد وَاحِد فبحلف الأول يسْقط الْأَيْمَان عَن البَاقِينَ، إِذْ لَا فَائِدَة فِي تحليفهم لأَنهم لَو نكلوا لَيْسَ لَهُ فَتحه، إِذْ للْحَالِف الأول