(الْقَاعِدَة الْخَامِسَة وَالسَّبْعُونَ (الْمَادَّة / 76))
" الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي، وَالْيَمِين على من أنكر " هَذَا لفظ حَدِيث نبوي شرِيف، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ.
وَالْحكمَة فِيهِ أَن جَانب الْمُدَّعِي ضَعِيف، لِأَنَّهُ يَدعِي خلاف الظَّاهِر، فَكَانَت الْحجَّة القوية وَاجِبَة عَلَيْهِ ليتقوى بهَا جَانِبه الضَّعِيف، وَالْحجّة القوية هِيَ الْبَيِّنَة. وجانب الْمُدعى عَلَيْهِ قوي، لِأَن الأَصْل عدم الْمُدعى بِهِ، فاكتفي مِنْهُ بِالْحجَّةِ الضعيفة وَهِي الْيَمين.
وَهَذَا أصل لَا يعدل عَنهُ، حَتَّى لَو اصْطلحَ المتخاصمان على أَن الْمُدَّعِي لَو حلف فالمدعى عَلَيْهِ ضَامِن لِلْمَالِ، وَحلف الْمُدَّعِي لم يضمن خَصمه. وتحليف الْمُدَّعِي وَالشَّاهِد أَمر مَنْسُوخ لَا يعْمل بِهِ، وَلَكِن لما غلب الْفسق فِي زَمَاننَا اخْتَار الْقُضَاة استحلاف الشُّهُود لتَحْصِيل غَلَبَة الظَّن، فَلَا ترد الْيَمين على مدعٍ، وَلَا يقْضى بِشَاهِد وَيَمِين عندنَا، خلافًا لسيدنا الإِمَام الشَّافِعِي فيهمَا.
ثمَّ إِن التَّحْلِيف يكون بِاللَّه تَعَالَى، وَلَكِن يحلف النَّصْرَانِي بِاللَّه الَّذِي أنزل الْإِنْجِيل على عِيسَى، واليهودي بِاللَّه الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى، والمجوسي بِاللَّه الَّذِي خلق النَّار. فَلَا يحلف الْمُسلم بِالطَّلَاق وَلَا بِاللَّه مَا هِيَ زَوجته إِلَّا فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة، وَهِي مَا لَو ادَّعَت امْرَأَة على رجل نِكَاحهَا وَأنكر فَإِنَّهُ يحلف بِاللَّه