فِي الْفَرْع الثَّالِث دَلِيل قصد الرَّد على الْمَالِك، وَقَالَ أَبُو يُوسُف: لَو لم يشْهد أَو لم يعرفهَا فَقَالَ الْمَالِك: أَخَذتهَا لنَفسك، وَقَالَ الْآخِذ: أَخَذتهَا لأردها، فَالْقَوْل قَول الْآخِذ بِيَمِينِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمد.
(د) وَمِنْهَا: أَن من رأى شَيْئا فِي يَد آخر يتَصَرَّف فِيهِ تصرف الْملاك بِلَا معَارض وَلَا مُنَازع، وَكَانَ مِمَّن يملك أَمْثَاله مثله، جَازَ لَهُ أَن يشْهد لَهُ بِأَنَّهُ ملكه، لِأَن الْملك من الْأُمُور الْخفية غير الْمُشَاهدَة، وَإِنَّمَا تشاهد دلائله من وضع الْيَد وَالتَّصَرُّف.
(هـ) وَمِنْهَا: عدم سَماع الدَّعْوَى فِيمَا إِذا تَركهَا الْمُدَّعِي مُدَّة مُرُور الزَّمن الْمقدرَة ب (36) سنة فِي الْوَقْف، وب (15) سنة فِي غَيره.
وَكَذَا لَو كَانَ حَاضرا عقد البيع ثمَّ شَاهد المُشْتَرِي يتَصَرَّف بِالْمَبِيعِ تصرف الْملاك فِي أملاكهم من هدم وَبِنَاء وَنَحْوهمَا وَهُوَ سَاكِت بِلَا عذر، وَبعد ذَلِك جَاءَ يَدعِي بِأَن هَذَا الْمَبِيع ملكه، فَإِن دَعْوَاهُ أَيْضا لَا تسمع وَإِن لم يمض عَلَيْهَا مُرُور الزَّمن. (ر: الْمَادَّتَيْنِ / 1659 و 1660 / من الْمجلة) . لِأَن تَركه الدَّعْوَى مُدَّة مُرُور الزَّمن فِي الْمَسْأَلَة الأولى، وسكوته فِي الثَّانِيَة دَلِيل عدم الْحق الَّذِي هُوَ من الْأُمُور الْخفية.
(و) وَمِنْهَا: الْقَتْل الْعمد، فَإِن قصد الْقَتْل لَا يُوقف عَلَيْهِ، فأقيم اسْتِعْمَاله الْآلَة الْجَارِحَة مقَام الْقَصْد والتعمد (ر: شرح الْمَادَّة / 2) .
(ز) وَمِنْهَا: إقامتهم الْخلْوَة بِالزَّوْجَةِ مقَام الْوَطْء فِي إِلْزَام الزَّوْج كل الْمهْر لِأَن الْوَطْء مِمَّا يخفى، وَالْخلْوَة الصَّحِيحَة دَلِيل عَلَيْهِ فأقيمت مقَامه.
(ح) وَمِنْهَا: أَن الْعمَّال والجباة وَالتَّابِعِينَ لبيت المَال ومتولي الْأَوْقَاف وكتبتها إِذا توسعوا فِي الْأَمْوَال، وبنوا الْأَمَاكِن، وتعاطوا أَنْوَاع اللَّهْو كَانَ ذَلِك دَلِيلا على خيانتهم الْبَاطِنَة، فللحاكم حِينَئِذٍ مصادرتهم بِأخذ الْأَمْوَال وعزلهم. فَإِن عرف خِيَانَة أَرْبَاب الْأَوْقَاف فِي وقف معِين رد المَال إِلَيْهِ، وَإِلَّا وَضعه فِي بَيت المَال (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، قبيل كَفَالَة الرجلَيْن) .