وَمن فروع هَذِه الْقَاعِدَة: مَا لَو حلف لَا يدْخل هَذِه الدَّار، فَدَخلَهَا بَعْدَمَا انْهَدَمت وَصَارَت صحراء يَحْنَث، لِأَن الدَّار هِيَ الْعَرَصَة، وَالْبناء وصف فِيهَا، فَفِي حَال الْإِشَارَة إِلَيْهَا يَلْغُو الْوَصْف لعدم إفادته. بِخِلَاف مَا لَو حلف لَا يدْخل دَارا، فَدخل دَارا منهدمة فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث لِأَنَّهَا عِنْد عدم الْإِشَارَة من قبيل الْغَائِب، فَيعْتَبر فِيهَا الْوَصْف (كَمَا فِي كتاب الْأَيْمَان) .
قَوْلهم فِي الْمَادَّة: " الْوَصْف فِي الْحَاضِر لَغْو " إِنَّمَا يجْرِي فِي البيع والأثمان، لَا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَة، فقد قَالَ صَاحب جَامع الْفُصُولَيْنِ: لَو ادّعى ثوبا وَبَين طوله كَذَا، وَبرهن بِحَضْرَة الثَّوْب طبق مدعاه، فذرع الثَّوْب فَظهر أَن ذرعه أنقص مِمَّا بَين أَو أَزِيد لَا تقبل بَينته لظُهُور كذبهَا. وَالْوَصْف فِي الْإِشَارَة لَغْو فِي البيع والأثمان، أما فِي بَاب الشَّهَادَة إِذا شهدُوا بِوَصْف فَظهر بِخِلَاف مَا شهدُوا لَا تقبل، كَمَا لَو ادّعى دَابَّة وَقَالَ: هَذِه الدَّابَّة الَّتِي سنّهَا أَربع سِنِين ملكي، وشهدوا كَذَلِك، فَظهر أَنَّهَا أَزِيد أَو أنقص، لَا تقبل لظُهُور كذبهمْ؛ كَذَا هُنَا. (ر: جَامع الْفُصُولَيْنِ، الْفَصْل السَّادِس، بِبَعْض توضيح) وَعزا ذَلِك فِيهِ إِلَى فَتَاوَى رشيد الدّين، وَنقل قبله وَبعده مَا بِظَاهِرِهِ مُخَالف لَهُ، وأوله بِمَا يدْفع الْمُخَالفَة، ثمَّ قَالَ: وَيُمكن فِي مثله رِوَايَتَانِ، ثمَّ اعْتمد عدم قبُول الشَّهَادَة بقوله: وَيَنْبَغِي أَن لَا تقبل، لِأَن الشَّهَادَة تختل بِالْكَذِبِ. انْتهى بِبَعْض تصرف.
وَنقل فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ أَيْضا (من آخر الْفَصْل الرَّابِع عشر) عَن صَاحب الْمُحِيط مَا هُوَ صَرِيح فِي ميله إِلَى عدم الْقبُول أَيْضا، وَأقرهُ على ذَلِك (فِي الْفَصْلَيْنِ) صَاحب نور الْعين، وَنَقله عَنهُ فِي فَتَاوَى الْأَنْقِروِيّ (أول الْبَاب الثَّانِي من كتاب الشَّهَادَات) وَأقرهُ، وَنقل فِي منهوات الْأَنْقِروِيّ عَن الثَّالِث من كتاب الشَّهَادَات من الْبَزَّازِيَّة نَظِير مَا نَقله عَن الرَّابِع عشر من الْفُصُولَيْنِ. ثمَّ نقل عَن نوع من الْخَامِس عشر فِي أَنْوَاع الدَّعَاوَى من الْبَزَّازِيَّة مَا لَفظه: إِذا خَالف سنّ الدَّابَّة الدَّعْوَى أَو الشَّهَادَة بطلت الدَّعْوَى وَالشَّهَادَة. انْتهى. وَعَلِيهِ فَلَو ادّعى