(هـ) وَمِنْهَا: تَسْلِيم الْمَبِيع فَاسِدا، لَا يكون بِالتَّخْلِيَةِ على مَا صَححهُ الْعِمَادِيّ، وَصحح قاضيخان أَن التَّخْلِيَة فِيهِ قبض. (ر: الْأَشْبَاه، كتاب الْبيُوع) .
وَقد اسْتشْكل بعض أفاضل الدَّرْس عدم جعل التَّخْلِيَة قبضا فِي هَذِه الْفُرُوع بِمَا جَاءَ فِي الْمَادَّة / 893 / من الْمجلة من أَن الْغَاصِب لَو وضع عين الْمَغْصُوب قُدَّام صَاحبه بِحَيْثُ يقدر على أَخذه فَإِنَّهُ يكون قد رد الْمَغْصُوب. انْتهى. وَقَالَ: إِن فَاعل التَّخْلِيَة فِي الْفُرُوع الْمَذْكُورَة لَيْسَ بِأَسْوَأ حَالا من الْغَاصِب وَقد اكْتفي من الْغَاصِب بِالتَّخْلِيَةِ كَمَا ترى، فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَكْتَفِي فِي هَذِه الْفُرُوع بالتلخية بِالْأولَى.
وَقد أَجَبْته بِأَن إشكاله غير وَارِد، وَذَلِكَ لِأَن الْفُرُوع الْمَذْكُورَة إِنَّمَا لم تجز فِيهَا التَّخْلِيَة لِأَن الْأَمر دائر فِيهَا بَين إِدْخَال مَال فِي ضَمَان الْغَيْر وَبَين إشغال ذمَّة الْغَيْر بدين، فالفرعان الْأَوَّلَانِ، وهما فرع التَّخْلِيَة فِي الْهِبَة الْفَاسِدَة وَفرع تخلية المُشْتَرِي بَين البَائِع وَبَين الْمَبِيع الَّذِي قَبضه بِدُونِ إِذن قبل نقد الثّمن، فيهمَا إِدْخَال المَال فِي ضَمَان الْغَيْر، فَإِن الْمَوْهُوب فَاسِدا إِذا اعتبرناه مَقْبُوضا بِالتَّخْلِيَةِ صَار مَضْمُونا على الْمَوْهُوب لَهُ بِقِيمَتِه، لِأَن الْهِبَة الْفَاسِدَة تضمن بِالْقَبْضِ. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، أَوَائِل كتاب الْهِبَة) ، وَكَذَلِكَ الْمَبِيع إِذا اعتبرناه مردوداً على البَائِع بِالتَّخْلِيَةِ عَاد مَضْمُونا عَلَيْهِ بِالثّمن، والتخلية لَيست بِقَبض حَقِيقَة لِأَنَّهَا عبارَة عَن رفع الْمَوَانِع، فَهِيَ قبض من وَجه، وَذمَّة الْمَوْهُوب لَهُ وَالْبَائِع فارغة عَن الضَّمَان من كل وَجه، فَلَا يُمكن أَن نشغلها بِالضَّمَانِ بِمَا هُوَ قبض من وَجه وَهُوَ التَّخْلِيَة.
وَبَقِيَّة الْفُرُوع المستثناة الْمَذْكُورَة، وَهِي فرع التَّخْلِيَة بَين الدَّائِن وَالدّين، والتخلية بَين قيمَة الْمَغْصُوب وَالْمَالِك، وَفِي مَعْنَاهُ التَّخْلِيَة بَين قيمَة الْمُتْلف وَالْمَالِك، يكون فِيهَا على تَقْدِير اعْتِبَار التَّخْلِيَة قبضا إشغال ذمَّة الدَّائِن وَالْمَالِك بنظير مَا فِي ذمَّته لَهُ من بدل الدّين وَقِيمَة الْمُتْلف، لِأَن الْمُتْلف يتَعَلَّق بدله فِي مثل أَو قيمَة فِي الذِّمَّة بعد التّلف فَتَصِير دينا، والديون تقضى بأمثالها، بِمَعْنى أَنه يثبت للمديون بِالْقضَاءِ فِي ذمَّة الدَّائِن دين نَظِير مَا للدائن فِي ذمَّته، فيلتقيان قصاصا