بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعُقُود الْفساد، فَإِنَّهُم كثيرا مَا يطلقون الْبَاطِل ويريدون بِهِ الْفَاسِد وَلَا يُرِيدُونَ بِهِ حَقِيقَة الْبطلَان، لِأَن العقد إِذا كَانَ بَاطِلا لَا يبطل مَا تضمنه، لِأَن العقد الْبَاطِل وجوده والعدم سَوَاء لعدم مشروعيته أصلا، فَإِذا كَانَ متضمناً لأمر يكون ذَلِك الْأَمر كَأَنَّهُ وجد مُسْتقِلّا غير مُتَضَمّن فِي آخر فَيعْتَبر ويراعى. بِخِلَاف العقد الْفَاسِد فَإِنَّهُ لمشروعية أَصله ترَتّب عَلَيْهِ الْأَحْكَام، فَلَا يُمكن اعْتِبَاره كَالْعدمِ. فَإِذا تضمن أمرا سرى فَسَاده إِلَى مَا فِي ضمنه (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته، من بَاب مَا يدْخل فِي البيع تبعا وَمَا لَا يدْخل. وَمثله فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ، الْفَصْل / 32) .

أما غير الْعُقُود من التَّصَرُّفَات فَلَيْسَ فِيهِ فَسَاد وباطل حَتَّى تقع التَّفْرِقَة وتختلف الْأَحْكَام.

وَمِمَّا ذكرنَا يظْهر الْفرق بَين مَا تخرج على الْقَاعِدَة من الْعُقُود وَبَين مَا خرج عَنْهَا. وَلَا يرد على مَا ذكر من التَّفْرِقَة بَين الْفَاسِد وَالْبَاطِل تخلف الفرعين المخرجين عَن الْقَاعِدَة، وهما: مَا لَو قَالَ لآخر بِعْتُك دمي بِكَذَا، وَفرع شِرَاء الْيَمين من خَصمه بِمَال، فَإِن البيع فيهمَا بَاطِل وَقد بَطل مَا تضمناه من الْإِذْن بِالْقَتْلِ وَإِسْقَاط الْيَمين.

وَذَلِكَ لِأَن مَا تضمنه البيع من الْإِذْن بِالْقَتْلِ لَا يعد شُبْهَة تسْقط الْقصاص، لِأَن الْإِذْن لَا يُفِيد أَكثر من الْبَذْل وَالْإِبَاحَة، وَهِي لَا تصلح شُبْهَة، لِأَن الْفِعْل بعْدهَا مُضَاف إِلَى الْفَاعِل من كل وَجه. بِخِلَاف مَا لَو أمره بقتْله فَقتله فَإِن الْأَمر يعد شُبْهَة، لِأَن فعل الْمَأْمُور بعده يعد وَالْحَالة هَذِه امتثالاً لأَمره ومطاوعة لَهُ فيضاف للْآمِر، وَالْإِذْن خَال عَن ذَلِك، وَحَاصِله أَن وجوب الْقصاص لَا لبُطْلَان الْإِذْن بِبُطْلَان البيع، بل لعدم انتصاب الْإِذْن شُبْهَة تسْقط الْقصاص.

وَلِأَن بيع الْيَمين لَيْسَ متضمناً لإسقاطها من قبل الْمُدَّعِي، بل لتمليكها للْمُشْتَرِي، وَهِي لَا تقبل التَّمْلِيك والتملك بل تسْقط بالإسقاط ضمنا، وَلم يُوجد فِي ضمن البيع إِسْقَاط. بِخِلَاف الصُّلْح عَنْهَا بِبَدَل، فَإِنَّهُ إِسْقَاط لَهَا لِأَنَّهُ بِأخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015