وَقد فرعوا على الضَّابِط الْمَذْكُور فروعاً كَثِيرَة، نقل مِنْهَا فِي " رد الْمُحْتَار " من الْمحل الْمَذْكُور، عَن الْمُجْتَبى، تِسْعَة وَعشْرين فرعا تنظر هُنَاكَ فَإِن مِنْهَا قسما عَظِيما كثير الْوُقُوع.
ذكر صَاحب " معِين الْحُكَّام " جانباً من مسَائِل الْقَضَاء على الْغَائِب الْمُتَقَدّمَة، وَمِنْه الْمَسْأَلَة الأولى الْمُتَقَدّمَة عَن " الدّرّ الْمُخْتَار " ثمَّ قَالَ: أعجوبة! ذكر فِي " الْفَتَاوَى الصُّغْرَى ": لَو صدقه ذُو الْيَد فِي ذَلِك _ أَي فِي أَن الْعين الْمُدعى بهَا كَانَت ملك فلَان الْغَائِب وَأَن الْمُدَّعِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ _ فَالْقَاضِي لَا يَأْمر ذَا الْيَد بِالتَّسْلِيمِ إِلَى الْمُدَّعِي، لِئَلَّا يحكم على الْغَائِب بِالشِّرَاءِ بِإِقْرَارِهِ. وَالظَّاهِر أَن الحكم كَذَلِك فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة، وَهِي مَسْأَلَة الشُّفْعَة الْمُتَقَدّمَة، فَلَو أقرّ المُشْتَرِي بِأَن الدَّار كَانَت ملكا للْغَائِب وَأَنه اشْتَرَاهَا مِنْهُ لَا يُؤمر بِالتَّسْلِيمِ للشَّفِيع، بل يُؤمر الشَّفِيع بِإِقَامَة الْبَيِّنَة على ذَلِك، لِئَلَّا يصير الْمَالِك الْغَائِب مقضياً عَلَيْهِ بِالْبيعِ بِإِقْرَارِهِ، بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة، وَهِي مَسْأَلَة الْكفَالَة الْمُتَقَدّمَة إِذا أقرّ الْمَدْيُون الْمُدعى عَلَيْهِ بِأَن الْكَفِيل أدّى الدّين للأصيل، فَالظَّاهِر أَنه يُؤمر بأَدَاء الدّين إِلَيْهِ بِمُقْتَضى إِقْرَاره، لِأَن الْقَضَاء عَلَيْهِ وَالْحَالة هَذِه لَا يَجْعَل الْأَصِيل مقضياً عَلَيْهِ بِالِاسْتِيفَاءِ من الْكَفِيل، بل إِقْرَاره يقْتَصر عَلَيْهِ فَحسب، إِذْ الدُّيُون تقضى بأمثالها، بِخِلَاف الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَوليين، وهما مسألتا البيع وَالشُّفْعَة، فَإِن الْمُدعى فيهمَا عين، وَإِقْرَاره بِالْعينِ فيهمَا إِقْرَار على الْغَائِب فَلَا ينفذ. (ر: معِين الْحُكَّام، الْفَصْل الثَّالِث من الْقسم الثَّالِث فِي ذكر الدَّعَاوَى وأقسامها) .
وَذَلِكَ نَظِير لما لَو صدقه بِأَنَّهُ وَكيل فلَان الْغَائِب بِقَبض دينه مِنْهُ، حَيْثُ يُؤمر بِالدفع لَهُ. وَلَو صدقه بِأَنَّهُ وَكيله بِقَبض الْعين الْوَدِيعَة مِنْهُ لَا يُؤمر بِالدفع لَهُ لما ذكرنَا (ر: التَّنْوِير وَشَرحه، من بَاب الْوكَالَة بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْض) . اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال فِي فرع الشُّفْعَة أَن الْمُدعى عَلَيْهِ يزْعم بِدَعْوَاهُ الشِّرَاء من الْغَائِب أَن يَده يَد ملك، فَينفذ عَلَيْهِ إِقْرَاره لمُدعِي الشُّفْعَة وَيُؤمر بِالتَّسْلِيمِ لَهُ.