وكما لَو جمع بَين مَاله وَمَال غَيره وباعهما صَفْقَة وَاحِدَة، فَإِنَّهُ يَصح فِي مَاله ويتوقف فِي مَال الْغَيْر على إجَازَة الْمَالِك.
يَنْبَغِي التَّعَرُّض لإشكال عساه يرد، وَهُوَ مَا نصوا عَلَيْهِ من أَنه لَو جمع بَين حر وَعبد، أَو مَسْجِد عَامر وَملك فِي عقد وَاحِد، فَإِنَّهُ يفْسد فِي العَبْد وَالْملك. وَيُمكن دَفعه بِأَنَّهُ فِيهِ البيع بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاء.
وَلَو جمع بَين مُدبر وَعبد: صَحَّ فِي العَبْد بِحِصَّتِهِ، لكَون الْمُدبر مَالا فِي الْجُمْلَة لمَكَان الْخلاف فِي جَوَاز بَيْعه، كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي، فقد نصوا على أَنه يدْخل فِي البيع ثمَّ يخرج مِنْهُ، فَلَيْسَ فِيهِ البيع بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاء.
وَأما صِحَة النِّكَاح فِي الْحَلَال فلكون المَال فِي النِّكَاح غير مَقْصُود.
وَمثل العَبْد وَالْمُدبر: الْوَقْف وَالْملك، فَإِن الْوَقْف مَال فِي الْجُمْلَة، للْخلاف فِي جَوَاز بيع الْوَقْف.
وكما لَو أوصى لأَجْنَبِيّ ووارث، أَو لأَجْنَبِيّ وَقَاتل فللأجنبي نصفهَا، وَبَطلَت فِي حق الآخر، أَي على تَقْدِير عدم الْإِجَازَة، وَقَوْلهمْ فِي الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة: " إِذا تعَارض " يُشِير إِلَى هَذَا، فَإِنَّهُ لَا تعَارض عِنْد انفكاكهما، إِذْ يُمكن مُرَاعَاة الْمُقْتَضِي بِدُونِ أَن يلْزم الْمَانِع.
وَلَا يشكل فرع الْوَصِيَّة للْأَجْنَبِيّ وَالْوَارِث مَعَ فرع الْإِقْرَار لَهما السَّابِق، حَيْثُ صحت الْوَصِيَّة بِالنِّسْبَةِ للْأَجْنَبِيّ وَبَطل الْإِقْرَار بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كَمَا بَطل فِي حق الْوَارِث، لِأَن الْوَصِيَّة تمْلِيك مُبْتَدأ مُضَاف لما بعد الْمَوْت والشائع يقبله، وَبطلَان التَّمْلِيك لأَحَدهمَا لَا يسْتَلْزم بطلَان التَّمْلِيك للْآخر. أما الْإِقْرَار فَإِنَّهُ إِخْبَار يثبت بِهِ مَا أخبر عَنهُ طبق مَا أخبر بِهِ مُشْتَركا على الشُّيُوع، فَيثبت كَذَلِك فَيكون مَا من جُزْء يَأْخُذهُ الْأَجْنَبِيّ إِلَّا وللوارث حق الْمُشَاركَة فِيهِ، فَيصير كَأَنَّهُ إِقْرَار للْوَارِث فَيبْطل.
(ي) وَيتَفَرَّع على الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة أَيْضا: مَا لَو تعَارض جرح الشَّاهِد وتعديله فَإِنَّهُ يقدم الْجرْح على التَّعْدِيل (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته رد الْمُحْتَار، كتاب الشَّهَادَات، بَاب الْقبُول وَعَدَمه) .