فهناك أمور وأصول في باب الإيمان بالله وملائكته والكتب والنبيين وما أشبه ذلك وما سواها قد يكون شيء منه أصولًا، وشيء منه فروعًا، وكذلك الاعتقاد في أسماء الله وصفاته كلها أصول في هذا الباب، لكن لا نقسم ونقول هذا أصل وهذا فرع، هذا يكفر منكره، وهذا لا يكفر منكره، فهذا لا يصح، والمقصود أنه لابد من وجود الشروط وانتفاء الموانع في أحكام الشرع، وهذا عام حتى في اجتهادات أهل العلم.
فقد يخالف رجل من أهل العلم في مسألة من السائل ويكون اجتهاده مخالفًا للدليل، ويبيح أمرًا محرمًا، أو يوجب أمرًا مباحًا، ومع هذا لا نقول أن هذا الرجل متوعد، وأنه آثم بهذا الفعل حتى وإن كان غيره يأثم.
فابن عباس - رضي الله عنهما - يجيز ربا الفضل، يجيز الدرهم بدرهمين إذا كان يدًا بيد، كما هو مشهور عنه، وقيل إنه رجع عن ذلك، وكذلك جاء عن جع من التابعين أنه يجيزون بيع الطعام الصاع بصاعين، إذا كان يدًا بيد، ومع هذا أجمع أهل العلم بأنهم غير متوعدين.
والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه" (?) وهذا وعيد شديد لمن أكله، ومعلوم أن من أجازه يجيز أكله، ولا يمكن أن نقول إن هذا الوعيد لاحق بابن عباس وبطاوس أو غيره من التابعين.