معنى التكليف.
أما البلوغ والعقل فهما شرطان للتكليف، وهما ليسا التكليف، بل هما شرطان للتكليف.
وقد يقول قائل: إن المباح ليس لازمًا، وإنما اللازم هما الأمر إن كان على جهة الوجوب أو الاستحباب، والنهى إن كان على جهة التحريم أو الكراهة، أما المباح فهو مخير بين الفعل والترك، فكيف نقول إن التكليف هو إلزام مقتضى خطاب الشرع والمباح ليس لازمًا؟
نقول كما قال كثير من أهل العلم: إن المراد هنا هو اعتقاد أنه مباح، وهذا الاعتقاد هو الإلزام المذكور في حد التكليف؛ لأنه لا يجوز أن تعتقد أن المباح يجب فعله، أو يجب تركه، فهذا هو المراد من إلزام مقتضى خطاب الشرع.
فمن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه لم يوجب التكاليف الشرعية على كل إنسان بل جعل لها علامات تدل عليها، وجعل لها وقتًا يكون المأمور قابلًا للفعل وقابلًا للترك، أي قابلًا لخطاب الشرع من جهة الفعل ومن جهة الترك، فيختلف حال الإنسان في حال الصغر بل يختلف حينما كان جَنينًا في بطن أمه، ثم بعد ذلك إذا وُلد وهو صغير، ثم إذا بلغ سن التمييز، ثم إذا بلغ الحُلم، فهذا له أحوال، فمن رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل التكليف له علامات محدّدة، بها يلزم التكليف، قبل ذلك لا حرج عليه لأنه غير ملزم بخطاب الشرع، هذا من حيث العموم،