الأخبار عن التابعين والصحابة لا تقابل بما جاء به - عليه الصلاة والسلام - بالأمر بالتيسير على النفس وعدم الشدة عليها، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه أنكر على عبد الله بن عمرو - رضى الله عنهما - أن يصوم شيئاً من الأيام، والذي يظهر - والله أعلم - كما قال بعض أهل العلم أنه - عليه الصلاة والسلام - ارتاحت نفسه إلى العبادة، فكانت هى راحته واطمئنانه في الصلاة فيأنس بها، أما غيره من الناس فليس مثله، وليس شبيهاً له - عليه الصلاة والسلام - فإذا حمل نفسه على الشدة فلا يستطيع، ثم هو - عليه الصلاة والسلام - لم يكن يقطع الليل كله بالصوم في هذا الشيء، ولا يقطع الدهر كله بل قال عن إفطار يومين وصيام يوم أو إفطار يوم وصيام يومين، وجاء أنه قال: "لَوَدِدتُ أني طُوِّقتُ هذا".
وهكذا ما جاء عن بعض السلف لعلهم ارتاحت نفوسهم إلى هذا فأحبوه، فإذا هذا يختلف بحسب اختلاف النفوس، فمن كانت نفسه قد تتأذى وتؤدي به إلى الملل فلا يشرع له مثل هذا، ثم إن كان يؤدي إلى مخالفة السنة في قطع الليل مثلاً بالصلاة، وقطع الدهر كله بالصوم، لاشك أنه منهي عنه، وما جاء من هذه الشدة عنه - عليه الصلاة والسلام - وعن بعض خواص الصحابة، فإنهم قد أنِسَتْ نفوسهم لهذا الشيء، ومن ذلك ما جاء عن عثمان - رضي الله عنه - أنه ختم القرآن في ليلة، وقيل أنه قرأه في ركعة - رضي الله عنه -. اهـ.