مثاله: أكلُ الميتة في حال المخمصة لا بأس به؛ لأنه إذا اضطر الإنسان إلى [. . .] (*) الميتة، فالأكل منها في هذه الحال فيه مصلحة، ولأن فيه دفع هذه الحال [. . .] (*) وترك الأكل مفسدة، فلا يمكن التخلص من المخمصة إلا بالأكل من الميتة، وإذا أراد أن يتجنب تلك المفسدة فإنه لابد أن يتجنب الأكل فلابد أن يفعلها جميعاً أو يتركها جميعاً، وهذه لها أقسام:
تارة يقدم فعل الحسنة، وتارة تفعل الحسنة، ولا ترتكب السيئة، وتارة ترتكب هذه السيئة، وإن تركنا تلك الحسنة حسب حالاتها، فالأكل من الميتة في حال المخمصة مصلحة أعظم من تلك المفسدة.
عكسها: الدواء الخبيث، لو أن إنساناً أراد التداوي بالخمر، وإن كان في شربه مصلحة لكن تحقيق هذه المصلحة يجلب معه مفسدة عظيمة فتترك تلك الحسنة لأجل اجتناب تلك المفسدة.
ومن الأمثلة - أيضاً -: لو أن إنساناً يعمل في مكان، وفي وجوده في هذا المكان مصالح من الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويواجه أموراً يضيق صدره منها ويكرهها ولا يستطيع دفعها، فهذه - والله أعلم - لا يمكن أن يجاب عنه بجواب عام يكون قاعدة في هذا، بل هذا يختلف بحسب المكان الذي يوجد فيه، وبحسب الشخص نفسه، وبحسب ما يترتب على بقائه من الأعمال الصالحة، وما يحصل فيه من الأمور المنكرة، فقد يكون الجواب لشخص بالبقاء، وقد يكون لآخر عليه أن يترك ويهجر هذا المكان إلا للضرورة. والله أعلم.