أعظم المفاسد وأقبحها لأنه إبطال للتوحيد، وهذا ضد ما خلق الله له الخلق كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (?).
وهو ضد ما أحبه سبحانه وتعالى من عباده، فعمد هذ المشرك إلى أقبح الأعمال وأكبر الكبائر فارتكبه فهو في أقبح الرتب من جهة المفاسد، ولهذا في حديث ابن مسعود في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام سُئل أي الذنب أعظم؟. قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" قيل: ثم أي؟. قال: "أن تقتُل ولدَك خشية أن يَطعَم معك". قيل: ثم أي؟. قال: "أن تُزَاني بحليلة جارك" (?).
فرتَّب المفاسد - عليه الصلاة والسلام - إلى ثلاث مراتب، فجعل الشرك بالله أشد مفسدة، وهو أكبرها، ثم يتلوه بعد ذلك قتل الابن خشية أن يطعم معه؛ لأن فيه قتل للنفس بغير حق، ولأن فيه قطيعة للرحم، فجعله في الرتبة الثانية بعد الشرك بالله، ثم ذكر بعد ذلك الزنا، وذكر نوعاً خاصاً من الزنا وهو الزنا بحليلة الجار، فالجار له حقه من الاحترام والتوقير وحفظ فراشه وصيانته ومعاونته على الأعمال الصالحة وحفظ حقوقه الواجبة والمستحبة، فتعمد هذا إلى الزنا بحليلة جاره، فكان من أعظم أنواع الزنا.