يرجع إلى اختياره وشهوته، فله أن يختار هذا أو يختار هذا أو يختار هذا، حتى ولو كان قادرًا على الأعلى، وهكذا في مسائل أخرى أشار إليها المصنف - رحمه الله - في كلامه، وهذا هو الأصل كما قلنا أنه تخيير يرجع إلى شهوته واختياره لأنه لمصلحته هو.
أما إذا كان لمصلحة غيره فيجب عليه أن يختار الأصلح، ومن هذا قول العلماء: تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة فيجب عليه أن يختار الأصلح في هذا؛ لأنه تصرف يتعلق بالغير، فما كان تصرفًا متعلقًا بالغير فيجب أن يختار الأولى والأصلح، فإذا كان هناك أمران أحدهما أنفع وأصلح وجب عليه أن يختار الأصلح، فإذا كان إنسان وليًا ليتيمٍ وأراد أن يبيع له أو أن يتصرف له في ماله بأن يشتري له أرضًا مثلًا حتى يتكسب من ورائها فيشتري بماله فإنه ينظر فى الأصلح، هل الأصلح شراء الأرض له وحفظها له؟ أم الأصلح إبقاء ماله؟؛ لأنه إذا اشْتُرِيَت الأرض ينقص ماله ويضر عليه في نفقته، ويحتاج إلى نفقة أو شراء أرض قد لا يكون فيها مصلحة، أو أن شراء هذه الأرض ليس مناسبًا لهذا اليتيم، أو أنها في مكان لا يناسب، أو أراد أن يشتري له بيتًا مثلًا وليس من الأصلح شراء البيت له، فالأولى له إذا كان الأصلح شراء الأرض فإنه يشتري الأرض، وإذا كان الأصلح شراء البيت اشترى له البيت، وإذا كان الأصلح عدم الشراء فإنه لا يشتري، وإن كان في كليهما مصلحة لكن إبقاء المال أعلى مصلحة ليجعله في مشروع آخر فإنه يقدِّم المصلحة الأعلى، وهذا يتبين بالتأمل والنظر في الأمثلة.