قدم عليه أشد مما أُجبر عليه، فلا يقتل نفسًا معصومة لأجل أن يستبقي نفسه.
كذلك من فروعها أن ما أبيح للضرورة يُقدَّر بقدرها، فالذي يضطر للميتة فإنه يل بقدر ما يقيم النفس، وهذا محل تفصيل، فإذا كانت الضرورة دائمة فالصواب أنه يجوز الشبع لما روى أبو داود من حديث جابر بن سمرة أن رجلاً نزل الحرة ومعه أهله وولده، فقال رجل إن ناقة لي ضلّت فإن وجدتَها فأمسكها، فوجدها فلم يجد صاحبها، فمرضت فقالت امرأته: انحرها، فأبى فنَفَقَت، فقالت: اسلخها حتى نقَدِّد شحمها ولحمها ونأكله، فقال: حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه فسأله، فقال: "هل عندك غنى يغنيك؟ " قال: لا، قال: "فكُلُوها"، قال: فجاء صاحبها فأخبره الخبر، فقال: هلا كنت نحرتها؟ قال: استحييت منك (?).
وجاء أيضاً عند أبى داود من حديث عقبة بن وهب بن عقبة العامري قال: سمعت أبى يحدث عن الفُجَيع العامري أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما يحل لنا من الميتة، قال: "ما طعامكم؟ " قال: نغتبق ونصطبح، قال أبو نعيم: فسَّره لي عقبة قدح غدوة وقدح عشيةٌ: قال ذلك وأبي الجوع فأحل لهم الميتة على هذه الحال (?)، أما إذا كانت عارضة وهي قريبة الزوال فإنه يأكل بقدر ما يسد جوعه.