وقوله: (والجهمية):
الجهمية: نسبة إلى الجهم بن صفوان الترمذي، وهو رجل معروف ومشهور يسيء المقالات؛ فإنه قال كلاماً أحدثه في الإسلام ونشره وأظهره.
وهذا الاسم -أي: الجهمية- يطلق في كلام أهل العلم على أحد مرادين:
المراد الأول: الجهمية المحضة الغالية الذين يتبعون طريقة الجهم بن صفوان بغلوها وشدتها، وينفون الأسماء والصفات، وهذا المذهب نزعته نزعة فلسفية، وهؤلاء يسمون بالجهمية المحضة.
المراد الثاني: من اشتغل بنفي الصفات أو ما هو منها، فإنه يسمى جهمياً؛ ولذلك قيل: مناظرة الإمام أحمد للجهمية، مع أن جمهور من ناظره إذ ذاك كانوا معتزلة، ومن المعلوم أن المعتزلة ليسوا موافقين للجهم بن صفوان على عقائده؛ بل إن من أئمة المعتزلة -كما ذكره ابن الخياط في الانتصار للمعتزلة وهو معتزلي- من يكفر الجهم بن صفوان.
فالرجل عندهم ليس محمود الحال، وهو وإن كان قد شاركهم في مسألة الصفات نوع مشاركة إلا أن بينهم فرقاً حتى في الصفات، وكذلك في مسألة الإيمان، فـ الجهم من المرجئة الغلاة، بخلاف المعتزلة فإنهم وعيدية في باب الإيمان، وفي باب الأسماء.
فاسم التجهم هنا في كلام شيخ الإسلام يقصد به الإطلاق الثاني وهو: من نفى الصفات؛ وذلك لما كان الجهم هو الذي نشر مقالة نفي الصفات وأظهرها أضيفت إليه، فصار كل من نفى الصفات يسمى جهمياً.