طريقة المخالفين للرسل عليهم السلام في الأسماء والصفات

قال المصنف رحمه الله: [وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم من الكفار والمشركين والذين أوتوا الكتاب، ومن دخل في هؤلاء من الصابئة، والمتفلسفة، والجهمية، والقرامطة الباطنية، ونحوهم، فإنهم على ضد ذلك].

قوله: (وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم):

أي: خرج وضل عن سبيل المرسلين والمؤمنين.

وقوله: (من الكفار والمشركين):

ذكر الكفر والشرك، ولا شك أن كل كفر بالله سبحانه وتعالى فهو نوع من الشرك، والشرك المطلق الذي إذا ذكر في القرآن أريد به العبادة لغير الله، المذكور في مثل قول الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة:72] هو أيضاً كفر.

أما أن الشرك الأكبر كفر فهذا أمر بين.

وأما أن الكفر شرك ولا بد؛ فلأن الكافر لا بد أن يكون قد اتخذ إلهاً غير الله؛ لأن الاتباع المطلق هو نوع من الشرك، وقد ذكر الله في كتابه أنواع الشرك، فذكر من أشرك بعبادة الأصنام والأوثان، ومن أشرك بعيسى عليه الصلاة والسلام، وذكر من الشرك اتخاذ الهوى إلهاً، مثل قول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:23] فهذا الذي أعرض عن سائر أمر الله ولم يرفع بذلك رأساً، أو سمى نفسه لا دينياً، أو نحو ذلك من التسميات؛ فإن هذا يقال: إنه كافر، ويجوز أن يقال: إنه مشرك، وشركه هنا بأنه قد اتخذ إلهه هواه، والشرك إذا أطلق في القرآن دل على الشرك الأكبر؛ ولذلك اختلف العلماء: هل الشرك الأصغر يدخل في قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48] أم أنه يدخل في قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء:48] على قولين معروفين في كلام أهل العلم، وإن كان الأقرب أن بعض الشرك الأصغر من باب الكبائر، وليس من باب الشرك الأكبر المذكور في الآية.

وقوله: (والذين أوتوا الكتاب):

الذين أوتوا الكتاب إذا أطلق ذكرهم في القرآن فإنه يراد بهم اليهود والنصارى الذين انحرفوا عن كتابهم المنزل على أنبيائهم ورسلهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015