قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3] فيه ذكر التنزيه؛ لأنه قال: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3] والمخلوق له علم لكنه ليس بكل شيء عليم، فهذا يدل على الإثبات ويدل على التنزيه، والقاعدة في هذا الباب: (أن كل نص في الإثبات فإنه يدل على الإثبات ويدل على التنزيه).
والتنزيه نوعان:
النوع الأول: تنزيه عام.
النوع الثاني: تنزيه خاص.
والتنزيه الذي نقصده في نصوص الإثبات هو التنزيه العام الذي هو: تنزيه الباري عن كل ما لا يليق به.
وأما التنزيه الخاص: فهو التنزيه المناسب لهذه الصفة، بمعنى: أن الله لما قال: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3] دل ذلك على أنه منزه عن الجهل، والآية تتضمن هذا التنزيه الخاص، ومع تضمنها للتنزيه العام؛ فإن من كان بكل شيء عليماً كان هو الأول، وكان هو الآخر، وكان هو الرب ..
وهكذا.
ولذلك فإنه لم يذكر النفي المفصل في القرآن الكريم، فلم يذكر الله تعالى نفي الجهل، ونفي العجز، وغير ذلك من الصفات التي هي مقابلة لصفات الكمال؛ وذلك لأن هذا التفصيل لا معنى له، والله تعالى قد ذكر الإثبات مفصلاً، فإن كل نص في الإثبات يدل على نفي التشبيه والتمثيل، ويدل على التنزيه الخاص والتنزيه العام.
قال المصنف رحمه الله: [{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد:4] وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:28] وقوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] وقوله: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة:119] وقوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93]].