قوله: [{أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَاصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلا تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الصافات:151 - 157]].
بيَّن الله سبحانه أنه ليس لهم سلطان ولا حجة، وإنما قولهم من باب الإفك، والله تعالى إذا ذكر ما تقوله الأمم المشركة فإن ما يذكره عنهم على أحد وجهين:
الوجه الأول: أن يكون من باب الإفك، وهو الشيء الذي يقولونه وليس عندهم مادة تدل عليه، فهذا يسميه الله تعالى في كتابه إفكاً، وهو القول الذي يقولونه وهو مجرد عن أدنى مواد الاستدلال، كقولهم: الملائكة إناث، مع أنهم لم يشهدوا خلقهم.
الوجه الثاني: أن يأتي ما يذكره هؤلاء في القرآن ويسمى ظناً، وهو المذكور في مثل قول الله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ} [الأنعام:116]
والغالب في المسائل الخبرية أن القرآن يسمي ما يقولونه: إفكاً، وإذا عارضوا في مقام التشريع يسمى ما يزعمونه ويعترضون به: ظناً، وهذا هو اللائق في المقامين، فإن المسائل الخبرية تدور على التصديق والتكذيب؛ ولذلك فإنهم إذا اخترعوا قولاً فإنه يسمى إفكاً وكذباً.