قال المصنف رحمه الله: [وقد يفرق بين لفظ التشبيه والتمثيل، وذلك أن المعتزلة ونحوهم من نفاة الصفات يقولون: كل من أثبت لله صفة قديمة فهو مشبه ممثل، فمن قال: إن لله علماً قديماً، أو قدرةً قديمةً، كان عندهم مشبهاً ممثلاً؛ لأن القدم عند جمهورهم هو أخص وصف الإله، فمن أثبت لله صفةً قديمة فقد أثبت له مثلاً قديماً، فيسمونه ممثلاً بهذا الاعتبار].
تكلم النظار في أخص وصف للإله، فجمهور المعتزلة يقولون: أخص وصف لله هو القدم, وجمهور متكلمة الصفاتية يقولون: أخص وصف لله هو القدرة على الفعل.
ومعلوم أن الرب سبحانه هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهو الفاعل والخالق لكل شيء، إلا أن ثمة مقاماً من مقامات التفصيل في القرآن المتضمنة لهذا وهذا، بمعنى: أن من أخص وصفه سبحانه وتعالى أنه رب العالمين، وهذه الكلمة التي ذكرها الله في كتابه عن نفسه -وهي أنه رب العالمين- هي متضمنة لفعله، ومتضمنة لكونه الأول الذي ليس قبله شيء، ومتضمنة لكونه الخالق وما سواه مخلوق، ومتضمنه لتدبيره وإرادته ..
إلى غير ذلك، فهذه الجملة هي أجمع من هذه التعبيرات التي يعبر بها هؤلاء.
فالمقصود: أنهم يجعلون من أثبت صفة قديمة مشبهاً؛ لأن القدم أخص وصف للإله عندهم، قالوا: فيلزم من ذلك تعدد القدماء.
وهذه سفسطة في العقل؛ لأن فرض تعدد القدماء مبني على أن الصفة شيء مفارق منفك عن الموصوف، فإذا قالت المعتزلة: إن القول بقدم شيء من الصفات يستلزم تعدد القدماء، يقال لهم: هذا اللازم فرع عن كون الصفة شيء مفارق منفك عن موصوفها.