قال المصنف رحمه الله: [الثالث -من معاني التأويل-: هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، كما قال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف:53] فتأويل ما في القرآن من أخبار المعاد هو ما أخبر الله تعالى به فيه مما يكون من القيامة والحساب والجزاء والجنة والنار ونحو ذلك، كما قال في قصة يوسف لما سجد أبواه وإخوته: {وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ} [يوسف:100] فجعل عين ما وجد في الخارج هو تأويل الرؤيا].
هو هذا المعنى الثالث من معاني التأويل، والفرق بين الثاني والثالث من المعاني: أن الثاني المقصود به المعاني المدركة بالعقل، أما الثالث فالمقصود به الحقيقة الصورية، أو ما نسميها بالكيفيات أو الحقائق المتصورة على قدر من التكييف والماهيات المفارقة.
قال رحمه الله: [فالتأويل الثاني هو تفسير الكلام، وهو الكلام الذي يفسر به اللفظ حتى يفهم معناه، أو تعرف علته، أو دليله، وهذا التأويل الثالث هو عين ما هو موجود في الخارج].
وعليه: فالعلم بالتأويل على المعنى الثاني لا يتضمن العلم بالتأويل على المعنى الثالث.
قال رحمه الله: [ومنه قول عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي.
يتأول القرآن)، تعني: قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر:3] وقول سفيان بن عيينة: (السنة هي تأويل الأمر والنهي)].
فيكون من باب التحقيق والتطبيق.