وقوله: «في غَدِ» يعني في يوم المعاد، فإنَّه يُعَبَّر عن اليوم الآخر بـ «الغَد»، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} [الحشر: 18]، وهو اليوم الموعود الآتي لا محالة، وهو اليوم الذي من فاز فيه فاز بالسعادة الأَبَدِيَّة، ومن شقي فيه باءَ بالحَسْرَةِ والشَّقَاء الدَّائِم.
وهذا الذي ذكره الناظمُ رحمه الله هنا هو اللائق بكل مَنْ مَنَّ اللُه عليه بالإسلامِ أن يجعل هِمَّتَه في الفوز في ذلك اليوم الموعود، وذلك بدخول الجنة، والنجاة من النار، والفوز بمغفرة الله ومرضاته، فإنَّ الفوزَ في ذلك اليوم هو الفوزُ العظيم، وهو الفوزُ الكبير.
ولا ريب أنَّ حُبَّ الصحابةِ رضي الله عنهم، وحُبَّ مَن يُحِبُّه الله من أنبيائِه وعبادِه الصالحين، والإيمانَ بشرعِهِ ظاهراً وباطناً أنَّه سَبَبُ الفوزِ في ذلك اليوم العظيم يوم القيامة.
قال الناظمُ رحمه الله:
«قَالُوا» يعني: أولئك الذين ألقوا إليه هذه المسائل يشكرونه ويقولون: «أَبَانَ الكَلْوَذَانِيُّ الهُدَى» يعني: بأجوبته المتقدِّمة، قد بيَّن لنا الهدى والصواب في هذه المسائل التي سألوه عنها.
فرَدَّ عليهم بقولِه: «قلتُ: الَّذِي فَوقَ السَّمَاءِ مُؤيِّدِي» يعني أنَّ الذي فوق السماء -وهو الله سبحانه وتعالى- هو الذي مَنَّ عليَّ وأيّدني وعلَّمني ووفقني، فهذا من إضافة النعمة إلى مُوْلِيْها، يعني ما أجبتُ به من الصواب والهدى والبيان إنما كان بتأييده وتعليمه وفتحه سبحانه وتعالى، فإنَّه ما