وقد وَرَدَ أنَّ القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي دخل على أبي إسحاق الإسفرائيني فقال: (سبحان من تَنَزَّه عن الفحشاء)، وهذا كلامٌ طَيِّبٌ في ظاهره، لكنَّه يرمز به إلى شيءٍ من مذهبه، فهو يريد أن يعترض به على من يُثْبِتُ القَدَرَ، فيقول: (سبحان من تَنَزَّهَ عن الفحشاء)، يعني سبحان من تَنَزَّه عن أن يريد الكفر والمعاصي، ففهم أبو إسحاق الإسفرائيني مغزاه، فأجابه على الفور قالاً: (سبحان من لا يكون في ملكه إلا ما يشاء) (?).
فمَن قال: إنَّ الله تعالى لم يشأ الكفر والمعاصي، فإنَّ ذلك مقتضاه أنَّ الله عاجزٌ، وأنَّه يكون في ملكه ما لا يشاء، وعند المعتزلة حتى الطاعات لم تقع بمشيئته سبحانه؛ لأنَّ أفعالَ العباد -عندهم- طاعتَهم ومعصيتَهم كلَّها واقعةٌ بِمَحْضِ مشيئتِهم وقدرتِهم دون مشيئة الله تعالى وقدرته.