و «طَفْرَةُ النَظَّامِ» (?) -.
فالأشاعرة يقولون: إنَّ (أفعال العباد مخلوقة لله)، وهذا كلامٌ طَيِّبٌ، و (كسبٌ من العِبَاد)، وهذا كلامٌ فيه من الإجمال ما فيه، وتفسير «الكَسْبِ» عندهم أنَّه وقوعُ الفعل مقارناً للقدرة الحادثة، فيكون العبد له قدرة، ولكنها قدرةٌ لا تأثيرَ لها في أفعالِه، بل غايةُ الأَمرِ أن تكون القدرةُ علامةً على الأفعال، كما هو مذهبهم في الأسباب، فالأسباب عندهم غير مؤثِّرَةٍ في مسبَّبَاتها، لكنَّها أماراتٌ، وهم بذلك يقتربون جِدَّاً من مذهب الجبريَّة.
أما أهلُ السنَّة والجماعة فيقولون: إن أفعال العباد هي أفعالٌ لهم حقيقة، وهي واقعةٌ منهم بقدرتِهم ومشيئتِهم، وأنَّ مشيئة العباد تابعةٌ لمشيئةِ الله عزَّ وجلَّ على حَدِّ قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29].
فالله تعالى خالقُ العباد وخالقُ قدرتِهم وخالقُ أفعالهم، فأفعال العباد هي أفعالهم حقيقة، ولكنَّها في الوقت نفسه هي مفعولةٌ، وفرقٌ بين الفعلِ والمفعولِ، فأفعالُ العبادِ هي مفعولةٌ لله أي مخلوقةٌ لله، لكنَّها ليست أفعالاً لله، فإنَّ الفعلَ بالمعنى المَصْدَرِي إنما يقوم بالفاعل، فالكلام -بالمعنى المَصْدَرِي- يقوم بالمتكَلِّم، والخَلْقُ يقوم بالخالِق، والضرب يقوم بالضارب، وهكذا.
والأصل في هذا أنَّ المصدر في اللغةِ العربيَّة كثيراً ما يطلق ويراد به اسم المفعول، مثل: الفعل والخلق والردّ، فهذه مصادر تطلق ويراد