وفصَّلوا القول في إبطال ذلك من وجوهٍ كثيرةٍ مأخوذة من الآية نفسها، ومن هؤلاء العلماء العلامةُ ابنُ القيِّم رحمه الله في كتابه «حادي الأرواح» (?)، فقد فصَّل القولَ في هذه المسألة، وأبطل الاستدلال بهذه الآية على نفي الرؤية من سبعة أوجهٍ.
ومن أقوال أهل البدع المنحرفة في مسألة «الرؤية» قول الأشاعرة، فإنهم يقولون: إنَّه تعالى يُرى لكن لا في جهة، يعني: لا يُرى من فوق، ولا عن يمين، ولا عن شمال، ولا من أسفل، وهذا دارجٌ على طريقتهم في التلفيق في باب الصفات، كما صنعوا في إثبات الصفات فأثبتوا بعضها ونفوا أكثرها، ومثل ذلك قولهم في صفة الكلام فإنهم أثبتوا الكلام النفسي، ونفوا الكلام المسموع، وهكذا قولهم في «الرؤية» ملفَّقٌ من مذهب أهل السنة، ومن مذهب المعتزلة، بل حقيقة قولهم في الرؤية يؤول إلى نفي الرؤية، فإنَّ الرؤية في غير جهةٍ غيرُ معقولة (?)؛ لأنَّه لا بد أن يكون المرئيُّ في جهةٍ من الرائي، ولذا أهل السنة والجماعة يقولون: إن الله تعالى يُرى في العلو.
ومنشأ قول الأشاعرة من أنه تعالى يُرى لا في جهة هو أنهم ينفون صفة «العلو» لله عز وجل، فهم ينفون علو الله عز وجل على خلقه، فالله عندهم في كل مكان، ولا يوصف بأنه فوق المخلوقات بمعنى: أنه فوقهم بذاته، لكن إذا قالوا: بأن الله فوق المخلوقات فيعنون بذلك الفوقية المعنوية، وهي فوقية القَدْر.