يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: «هل تُضَارُّونَ (7) في الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ليس دُونَهُ سَحَابٌ؟»، قالوا: لا يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يوم الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ» (?).

فقوله صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر وكما ترون الشمس صحواً ليس دونها سحاب» في هذا تشبيهٌ للرؤية بالرؤية، لا تشبيهُ المرئي بالمرئي.

فالمُشَبَّه: هو رؤية المؤمنين لربهم، والمُشَبَّه به: هو رؤيتهم للشمس والقمر، وذلك أنهم يرونه سبحانه وتعالى بأبصارهم من غير إحاطة، ويرونه رؤيةً جَلِيَّةً لا خَفاءَ فيها، ويرونه أيضاً في جهة العلو.

فهذا هو وجه الشبه بين المُشبَّه والمُشَبَّه به، فوجه الشبه بين رؤية المؤمنين لربهم وبين رؤيتهم للشمس والقمر إنما هو من هذه الوجوه من كونها رؤيةً بصريَّةً واضحةً من غير إحاطةٍ، وفي جهة العلو.

فأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الله تعالى يُرى بالأبصار حقيقة، وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة عَيَانَاً بأبصارهم.

وخالف في ذلك الجهمية والمعتزلة، فقالوا: إنَّه تعالى لا يُرى بالأبصار، وحرّفوا كلام الله وكلام رسوله وفسّروا الآيات والأحاديث بخلاف ما تدل عليه، واستدلوا على مذهبهم الباطل بقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]، وقوله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام لما قال له: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: 143]، وقد بيَّن أهل العلم بطلان هذا الاستدلال وبيَّنُوا أنَّ هاتين الآيتين حجَّة عليهم لا لهم؛ لأنَّ قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} هو نفيٌ للإدراك الذي هو الإحاطة، فهو سبحانه لا تحيط به الأبصار، فليس في هذا نفيٌ للرؤية مطلقاً، بل هو نفيٌ للرؤية التي تكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015