قال الناظمُ رحمه الله:
قوله: «قَالُوا: فَهَلْ تَصِفُ الإِلَهَ؟» هذا السؤال معناه: هل تثبتُ لله صفاتٍ؟ «أَبِنْ لَنَا» أي بَيِّن لنا مذهَبَك، أو بَيِّن لنا الصوابَ في هذه المسألة.
فأجاب بقوله: «قُلْتُ: الصِّفَاتُ لِذِي الجَلاَلِ السَّرْمَدِ» يعني: الصفاتُ لله ذي الجلال السرْمَدِ، و «السَّرْمَد» هو: الدَّائِم.
وقوله: «السَّرْمَد»: يحتمل أن تكون صفةً لـ «الجلال»، يعني: الجلال الدائم، فصفات الله دائمة، ويحتمل أن تكون صفة لله عز وجل، فهو سبحانه الدائم الذي لا يزول، فهو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخِرُ الذي ليس بعده شيء، كما عَبَّر عن ذلك الطحاويُّ في «عقيدته» المشهورة، بقوله: (قَدِيمٌ بِلا ابْتِدَاء، دَائِمٌ بِلا انْتِهَاء).
وهذا الجواب من الناظم فيه نوعُ إجمالٍ، وهو جوابٌ مُقْتَضَبٌ، ولعل عذره في ذلك أنه في مقام نظمٍ، بل هو نظمٌ مختصَرٌ، فلا يكون الجواب فيه واضحاً كما ينبغي.
والمهم أنَّنا نأخذ من هذا أنَّ الناظمَ رحمه الله يُثْبِتُ الصفات في الجملة، فليس هو من النفاة المعطِّلة كالجهمية والمعتزلة الذين يقولون: إنه سبحانه وتعالى لا تقوم به أيّ صفة، بل هو بهذا الجواب معدودٌ في المُثْبِتَة؛ مُثْبِتَةِ الصِّفَات.
لكن ليُعْلَم أنه إذا قيل: (مُثْبِتَةُ الصِّفَاتِ) فإنه يدخل فيهم من كان يثبت ولو بعض الصفات كالأشاعرة، لأنَّ الأشاعرة والكُلاَّبِيَّة هم من المثبتة في الجملة، فليسوا من المعطلة التعطيل العام كالمعتزلة والجهمية.