سفيان) الثوري (عن هشام) هو: ابن حسان (عن أم الهذيل) بضم الهاء وفتح الذال المعجمة، حفصة بنت سيرين (عن أم عطية، رضي الله عنها. قالت):
(ضفرنا) بضاد معجمة ساقطة خفيفة الفاء (شعر) رأس (بنت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زينب أي: نسجناه عريضًا (-تعني) أم عطية (ثلاثة قرون-) أي: ذوائب.
(وقال) بالواو، والأصيلي: قال: (وكيع، قال سفيان) الثوري، وللأربعة: عن سفيان أي: بهذا الأسناد السابق: (ناصيتها) ذؤابتها (وقرنيها) أي: جانبي رأسها ذؤابتين. زاد الإسماعيلي: ثم ألقيناه خلفها.
وفيه: ضفر شعر الميت خلافًا لمن منعه، فقال ابن القاسم: لا أعرف الضفر، أي: لم يعرف فعل أم عطية حتى يكون سنة، بل يلف.
وعن الحنفية: يرسل خلفها، وعلى وجهها مفرقًا.
قالوا: وهذا قول صحابي، والشافعي لا يرى قوله حجة، وكذا فعله. وأم عطية أخبرت بذلك عن فعلهن، ولم تخبر به عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وأجيب: بأن الأصل أن لا يفعل بالميت شيء من القرب إلا بإذن من الشارع، وقال النووي: الظاهر اطلاعه، عليه الصلاة والسلام، على ذلك وتقريره له. اهـ. وهو عجيب.
ففي صحيح ابن حبان: أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أمر بذلك ولفظه: واجعلن لها ثلاثة قرون. وترجم عليه ذكر البيان، بأن أم عطية: إنما مشطت قرونها بأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا من تلقاء نفسها.
هذا (باب) بالتنوين (يلقى شعر المرأة خلفها) وفي رواية الأصيلي. وأبي الوقت: يجعل. وزاد الحموي ثلاثة قرون.
1263 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَتْنَا حَفْصَةُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَتَانَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وِتْرًا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي. فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا".
وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد، قال: (حدّثنا يحيى بن سعيد) بكسر العين (عن هشام بن حسان) بالصرف، وعدمه الأزدي البصري (قال: حدّثنا حفصة) بنت سيرين، (عن أم عطية) نسيبة (رضي الله عنها، قالت):
(توفيت إحدى بنات النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زينب أو أم كلثوم، والأول هو المشهور (فأتانا النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال) عليه الصلاة والسلام:
(اغسلنها بالسدر) والماء (وترًا ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك) بحسب الحاجة، (واجعلن في) الغسلة (الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور) بالشك من الراوي (فإذا فرغتن) من غسلها (فآذنني) بالمد وكسر الذال وتشديد النون، أي: أعلمنني.
(فلما فرغنا آذناه، فالقى إلينا حقوه) بفتح الحاء المهملة وكسرها (فضفرنا شعرها ثلاثة قرون) أي: ذوائب (وألقيناها) بالواو، أي: الذوائب. وللأربعة: فألقيناها (خلفها).
وقال الحنفية: ضفيرتان على صدرها فوق الدرع.
ولما فرغ المصنف من بيان أحكام الغسل، شرع في بيان أحكام الكفن فقال:
(باب الثياب البيض للكفن).
1264 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قالت "إنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ". [الحديث 1264 - أطرافه في: 1271، 1272، 1273، 1387].
وبالسند قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي المجاور بمكة (قال: أخبرنا عبد الله) وللأصيلي عبد الله بن المبارك (قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة، رضي الله عنها، قالت):
(إن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كفن في ثلاثة أثواب يمانية) بتخفيف الياء، نسبة إلى اليمن، (بيض سحولية) بفتح السين وتشديد المثناة التحتية، نسبة إلى السحول، وهو القصَّار، لأنه يسحلها أي: يغسلها، أو: إلى سحول، قرية باليمن وقيل، بالضم: اسم لقرية أيضًا (من كرسف) بضم أوله وثالثه أي: قطن.
وصحح الترمذي والحاكم، من حديث ابن عباس مرفوعًا: "البسوا ثياب البياض، فإنها أطيب وأطهر، وكفنوا فيها موتاكم".
وفي مسلم: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه".
قال النووي: المراد بإحسان الكفن بياضه ونظافته. قال البغوي: وثوب القطن أولى.
وقال الترمذي: وتكفينه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في ثلاثة أثواب بيض أصح ما ورد في كفنه.
(ليس فيهن) أي: في الثلاثة الأثواب، ولأبوي: ذر، والوقت، والأصيلي: ليس فيها (قميص ولا عمامة) أي: ليس موجودًا أصلاً، بل هي الثلاثة فقط.
قال النووي، وهو ما فسره به الشافعي، والجمهور، وهو الصواب الذي يقتضيه ظاهر الأحاديث: وهو أكمل الكفن للذكر، ويحتمل أن تكون الثلاثة الأثواب خارجة عن القميص والعمامة، فيكون ذلك خمسة. وهو تفسير مالك، ومثله قوله تعالى: {رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: 2] يحتمل بلا عمد أصلاً