بذلك عند الموت، إذا كان حكم الإيمان بالاستصحاب.
وذكر قول وهب أيضًا تفسيرًا لكون مجرد النطق لا يكفي، ولو كان عند الخاتمة، حتى يكون هناك عمل، خلافًا للمرجئة، وكأنه يقول: لا تعتقد الاكتفاء بالشهادة، وإن قارنت الخاتمة، ولا تعتقد الاحتياج إليها قطعًا إذا تقدمت حكمًا، والله أعلم.
ورواة حديث الباب كلهم كوفيون، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وفيه: التحديث
والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في: التفسير، والإيمان، والنذور، ومسلم في: الإيمان، والنسائي في: التفسير:
(باب الأمر باتباع الجنائز).
1239 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قال حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ. وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّيِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ". [الحديث 1239 - أطرافه في: 2445، 5175، 5635، 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6235، 6654].
وبالسند قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي (قال: حدّثنا شعبة) ابن الحجاج (عن الأشعث) بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح المهملة ثم مثلثة، ابن أبي الشعثاء المحاربي (قال: سمعت معاوية بن سويد بن مقرن) بميم مضمومة فقاف مفتوحة فراء مشددة مكسورة (عن البراء) بتخفيف الراء، وللأصيلي، وابن عساكر، وأبي الوقت: عن البراء بن عازب (رضي الله عنه قال):
(أمرنا النبي) ولأبي ذر: رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا باتباع الجنائز) وهو فرض كفاية، وظاهر قوله: اتباع الجنائز أنه بالمشي خلفها، وهو أفضل عند الحنفية.
والأفضل عند الشافعية المشي أمامها لحديث أبي داود وغيره بإسناد صحيح. عن ابن عمر، قال: رأيت النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأبا بكر وعمر يمشون أمان الجنازة، ولأنه شفيع، وحق الشفيع أن يتقدم.
وأما حديث: امشوا خلف الجنازة، فضعيف.
وأجابوا عن حديث الباب: بأن الاتباع محمول على الأخذ في طريقها، والسعي لأجلها، كما يقال: الجيش يتبع السلطان، أي: يتوخى موافقته، وإن تقدم كثير منهم في المشي والركوب.
وعند المالكية ثلاثة أقوال: التقدم، والتأخر، وتقدم الماشي وتأخر الراكب. وأما النساء فيتأخرن بلا خلاف.
(وعيادة المريض) أي: زيارته، مسلم أو ذمي، قريب للعائد أو جار له، وفاء بصلة الرحم وحق الجوار، وهي فضيلة لها ثواب، إلا أن لا يكون للمريض متعهد فتعهده لازم.
وفي مسلم، عن ثوبان: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في مخرفة الجنة حتى يرجع. وأراد بالمخرفة: البستان، يعني يستوجب الجنة ومخارفها.
وفي البخاري، عن أنس قال: كان غلام يهودي يخدم النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فمرض، فأتاه النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم. فنظر إلى أبيه، وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار.
قال في المجموع: وسواء الرمد وغيره، وسواء الصديق والعدوّ ومن يعرفه ومن لا يعرفه، لعموم الأخبار.
قال: والظاهر أن المعاهد والمستأمن كالذمي.
قال: وفي استحباب عيادة أهل البدع المنكرة، وأهل الفجور، والمكوس، إذا لم تكن قرابة، ولا جوار، ولا رجاء توبة، نظر. فإنا مأمورون بمهاجرتهم. ولتكن العبادة غبًا فلا يواصل كل يوم إلا أن يكون مغلوبًا، ومحل ذلك في غير القريب والصديق ونحوهما ممن يستأنس به المريض، أو يتبرك به، أو يشق عليه عدم رؤيته كل يوم. أما هؤلاء فيواصلونها ما لم ينهوا أو يعلموا كراهته لذلك.
وقول الغزالي: إنما يعاد بعد ثلاث، لخبر ورد فيه، ردّ بأنه موضوع، ويدعو له وينصرف، ويستحب أن يقول في دعائه: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يشفيك. سبع مرات رواه الترمذي، وحسنه. ويخفف المكث عنده، بل تكره إطالته لما فيه من إضجاره، ومنعه من بعض تصرفاته.
(وإجابة الداعي) إلى وليمة النكاح، وهي لازمة إذا لم يكن ثمة ما يتضرر به في الدين، من الملاهي، ومفارش الحرير، ونحوهما.
(ونصر المظلوم) مسلمًا كان أو ذميًا بالقول أو بالفعل.
(وإبرار القسم) بقتحات وكسر همزة إبرار: إفعال من البرّ، خلاف الحنث. ويروى: المقسم، بضم الميم وسكون القاف وكسر السين، أي: تصديق من أقسم عليك، وهو أن يفعل ما سأله الملتمس، وأقسم عليه أن يفعله.
يقال: برّ وأبرّ القسم إذا صدقه، وقيل: المراد من المقسم الحالف، ويكون المعنى: أنه لو حلف أحد على أمر مستقبل وأنت تقدر على تصديق