الجمعة لخمس ليالٍ بقين من رجب سنة إحدى ومائة، (إلى عديّ بن عديّ) بفتح العين وكسر الدال المهملتين فيهما ابن عمرة بفتح العين الكندي التابعي المتوفى سنة عشرين ومائة، (ان للإيمان) بكسر همزة ان في اليونينية (فرائض) بالنصب اسم ان مؤخر أي أعمالاً مفروضة (وشرائع) أي عقائد دينية (وحدودًا) أي منهيّات ممنوعة (وسُننًا) أي مندوبات، وفي رواية ابن عساكر أن الإيمان فرائض بالرفع خبر ان وما بعده معطوف عليه، ووقع للجرجاني فرائع وليس بشيء.
(فمن استكملها) أي الفرائض وما معها فقد (استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان) فيه إشارة إلى قبول الإيمان الزيادة والنقصان. ومن ثم ذكره المؤلف هنا استشهادًا لا يقال إنه لا يدل على ذلك بل على خلافه، إذ قال للإيمان كذا وكذا، فجعل الإيمان غير الفرائض وما ذكر معها، وقال من استكملها أي الفرائض وما معها فجعل الكمال لما للإيمان لا للإيمان، لأنا نقول آخر كلامه يُشعِر بذلك حيث قال: فمن استكملها أي الفرائض وما معها استكمل الإيمان. (فإن أعش فسأبينها) أي فسأوضحها (لكم) إيضاحًا يفهمه كل أحد منكم. والمراد تفاريعها لا أصولها إذ كانت معلومة لهم على سبيل الإجمال. وأراد سأبينها لكم على سبيل التفصيل. (حتى تعملوا بها، وإن مت فما أنا على صحبتكم بحريص) وليس في هذا تأخير البيان عن وقت الحاجة إذ الحاجة لم تتحقّق، أو أنه علم أنهم يعلمون مقاصدها ولكنه استظهر وبالغ في نصحهم وتنبيههم على المقصود وعرَّفهم أقسام الإيمان مجملاً، وأنه سيذكرها مفصلاً إذا تفرع لها فقد كان مشغولاً بالأهم، وهو من تعاليق المؤلف المجزومة وهي محكوم بصحتها. ووصله أحمد وابن أبي شيبة في كتاب الإيمان لهما من طريق عيسى بن عاصم، قال: حدّثني عديّ بن عديّ فذكره.
(وقال إبراهيم) الخليل زاد الأصيلي في روايته كما في فرع اليونينية كهي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد عاش فيما روي مائة سنة وخمسًا وسبعين سنة أو مائتي سنة ودفن بحبرون بالحاء المهملة: (ولكن ليطمئن قلبي) أي ليزداد بصيرة وسكونًا بمضامة العيان إلى الوحي والاستدلال، فإن عين اليقين فيه طمأنينة ليست في علم اليقين ففيه دلالة على قبول التصديق اليقيني للزيادة، وعند ابن جرير بسند صحيح إلى سعيد بن جبير أي يزداد يقيني. وعن مجاهد لأزداد إيمانًا إلى إيماني. لا يقال كان المناسب أن ذكر المؤلف هذه الآية عند الآيات السابقة، لأنّا نقول إن هاتيك دلالتها على الزيادة صريحة بخلاف هذه فلذا أخّرها إشعارًا بالتفاوت.
(وقال معاذ) بضم الميم والذال المعجمة وللأصيلي في روايته، وقال معاذ بن جبل كما في فرع اليونينية كهي ابن عمرو الخزرجي الأنصاري المتوفى سنة ثمانية عشر، وله في البخاري ستة أحاديث للأسود بن هلال. (اجلس بنا) بهمزة وصل (نؤمن) بالجزم (ساعة) أي نزداد إيمانًا لأن معاذًا كان مؤمنًا أي مؤمن، وقال النووي معناه نتذاكر الخير وأحكام الآخرة وأمور الدين، فإن ذلك إيمان.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي لا تتعلق فيه للزيادة لأن معاذًا إنما أراد تجديد الإيمان لأن العبد يؤمن في أول مرة فرضًا، ثم يكون أبدًا مجددًا لما نظر أو فكر، وقال في الفتح متعقبًا له وما نفاه أولاً أثبته آخرًا لأن تجديد الإيمان إيمان، وهذا التعليق وصله أحمد وابن أبي شيبة كالأول بسند صحيح إلى الأسود بن هلال، قال: قال لي معاذ: اجلس فذكره، وعرف من هذا أن الأسود أبهم نفسه.
(وقال ابن مسعود) عبد الله وجده غافل بالمعجمة والفاء الهذلي نسبة إلى جده هذيل بن مدركة المتوفّى بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وله في البخاري خمسة وثمانون حديثًا، (اليقين الإيمان كله) أكده بكل لدلالتها كأجمع على التبعيض للإيمان إذ لا يؤكد بهما إلا ذو أجزاء يصح افتراقها حسًّا أو حكمًا، وهذا التعليق طرف من أثر. رواه الطبراني بسند صحيح وتتمته والصبر نصف الإيمان. ولفظ النصف صريح في التجزئة.
(وقال ابن عمر) عبد الله وجدّه