قبل هذه إذا نودي بالصلاة، قرينة في أن المراد الفريضة، وكذا قوله: إذا ثوب؟
أجيب: بأن ذلك لا يمنع تناول النافلة، لأن الإتيان بها حينئذ مطلوب، لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بين كل أذانين صلاة".
(جاء الشيطان فلبس عليه) بتخفيف الموحدة المفتوحة على الصحيح، أي: خلط عليه أمر صلاته (حتى لا يدري) أحدكم (كم صلّى، فإذا وجد ذلك أحدكم، فليسجد سجدتين وهو جالس).
والجمهور على مشروعية سجود السهو في التطوّع إلا ابن سيرين وقتادة، فإنهما قالا: لا سجود فيه.
هذا (باب) بالتنوين (إذا كلم) بضم الكاف وكسر اللام المشددة (وهو يصلّي فأشار بيده واستمع) أي المصلي لم تفسد صلاته.
1233 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ "أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ -رضي الله عنهم- أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَقَالُوا: اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ وَقُلْ لَهَا: إِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا. وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْهُمَا. فَقَالَ كُرَيْبٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي، فَقَالَتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ. فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا، فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي بِهِ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ -رضي الله عنها-: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْهَى عَنْهَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَىَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ: قُومِي بِجَنْبِهِ قُولِي لَهُ: تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ. فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ". [الحديث 1233 - طرفه في: 4370].
وبالسند قال: (حدّثنا يحيى بن سليمان) أي: ابن يحيى الجعفي (قال: حدّثني) بالإفراد (ابن وهب) عبد الله (قال: أخبرني) بالإفراد (عمرو) هو: ابن الحرث (عن بكير) هو: ابن عبد الله بن الأشج (عن كريب) مولى ابن عباس، بضم الموحدة في الأوّل والكاف في الثاني مصغرين.
(أن ابن عباس، والمسور بن مخرمة) بكسر الميم في الأول، وفتحها في الثاني، هو: الزهري الصحابيّ (وعبد الرحمن بن أزهر) على وزن: أفعل، القرشي الزهري الصحابيّ، عم عبد الرحمن بن عوف، (رضي الله عنهم، أرسلوه) بالهاء وفي نسخة: أرسلوا، أي: كريبًا (إلى عائشة، رضي الله عنها، فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعًا، وسلها) أصله: اسألها (عن الركعتين) أي: عن صلاتهما (بعد صلاة العصر، وقل لها):
(إنا أخبرنا) بضم الهمزة على صيغة المجهول، قيل: المخبر عبد الله بن الزبير (أنك) وللأصيلي: عنك أنك (تُصلّينَهما) بنون قبل الهاء مع التثنية أي: الركعتين، ولابن عساكر في نسخة، وأبوي ذر، والوقت: تصليهما، بحذفها، ولأبي ذر أيضًا، وابن عساكر: تصليها، بحذفها على الإفراد أي: الصلاة (وقد بلغنا).
فيه إشارة إلى أنهم لم يسمعوا ذلك منه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد سمى ابن عباس الواسطة، كما سبق في المواقيت، حيث قال: شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر.
(أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، نهى عنها) أي: عن الصلاة، ولأبي ذر عن الكشميهني: عنه، أي: عن الفعل.
(و) بالإسناد السابق (قال ابن عباس) رضي الله عنهما: (وكنت أضرب الناس مع عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (عنها) أي: عن الصلاة، أي: لأجلها، وللأصيلي: عنهما. بالتثنية، أي: عن الركعتين، وللكشميهني: عنه، أي: عن الفعل.
وروى ابن أبي شيبة، من طريق الزهري، عن السائب، هو: ابن يزيد، قال: رأيت عمر، رضي الله عنه، يضرب المنكدر على الصلاة بعد العصر، ولأبي الوقت في نسخة: عليها.
(فقال) وللأربعة: قال (كريب) بالإسناد السابق.
(فدخلت على عائشة رضي الله عنها، فبلغتها ما أرسلوني) به (فقالت: سل أم سلمة، فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها، فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة) رضي الله عنها (فقالت أم سلمة، رضي الله عنها: سمعت النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ينهى عنها) أي: عن الصلاة (ثم رأيته يصلّيهما) أي: الركعتين (حين صلّى العصر، ثم دخل علي) فصلاهما حينئذ بعد الدخول (وعندي نسوة من بني حرام) بفتح المهملتين (من الأنصار، فأرسلت إليه الجارية) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمها، ويحتمل أن تكون بنتها زينب، لكن في رواية المصنف في المغازي: فأرسلت إليه الخادم (فقلت: قومي بجنبه قولي) ولأبي الوقت، والأصيلي: فقولي (له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله، سمعتك تنهى عن هاتين) ولأبي الوقت في غير اليونينية: عن هاتين الركعتين اللتين بعد العصر (وأراك تصليهما! فإن أشار بيده، فاستأخري عنه؛ ففعلت الجارية) ما أمرت به من القيام والقول (فأشار) عليه الصلاة والسلام (بيده، فاستأخرت عنه. فلما انصرف قال):
(يا بنت أبي أمية) هو: والد أم سلمة، واسمه سهيل، أو: حذيفة بن المغيرة المخزومي، ولأبي ذر: يا ابنة أبي أمية (سألت عن الركعتين) اللتين (بعد العصر، وإنه أتاني ناس) ولأبي الوقت، في غير اليونينية: أناس (من عبد القيس) زاد في المغازي: بالإسلام من قومهم، وعند الطحاوي من وجه آخر: فجاءني مال، (فشغلوني