قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إذا أذن بالصلاة) بضم الهمزة وكسر الذال (أدبر الشيطان) حال كونه (له ضراط) حقيقة أو مجازًا عن شغله نفسه بالتصويت (حتى لا يسمع التأذين، فإذا سكت المؤذن) بعد الفراغ من التأذين (أقبل) الشيطان (فإذا ثوب) بضم المثلثة وكسر الواو، أي: أقيمت الصلاة (أدبر) الشيطان (فإذا سكت) بعد الفراغ من الإقامة (أقبل) الشيطان (فلا يزال بالمرء) المصلي (يقول له: اذكر ما لم يكن يذكر حتى لا يدري) وهو في الصلاة (كم صلى) أثلاثًا أم أربعًا.
(قال أبو سلمة بن عبد الرحمن) مما هو طرف من حديث يأتي في السهو، وليس هو من رواية جعفر بن ربيعة عن أبي سلمة (وإذا فعل أحدكم ذلك) أي: ما ذكر من كونه لا يدري وهو في
صلاته كم صلّى (فليسجد) ندبًا (سجدتين) للتردد في زيادتها (وهو قاعد) بعد أن يأخذ باليقين ويطرح المشكوك فيه، ويأتي بالباقي ولا يرجع في فعلها إلى ظنه، ولا إلى قول غيره وإن كان جميعًا كثيرًا.
(وسمعه أبو سلمة) بن عبد الرحمن (من أبي هريرة رضي الله عنه):
1223 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- "يَقُولُ النَّاسُ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ. فَلَقِيتُ رَجُلاً فَقُلْتُ: بِمَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْبَارِحَةَ فِي الْعَتَمَةِ؟ فَقَالَ: لاَ أَدْرِي. فَقُلْتُ: لَمْ تَشْهَدْهَا؟ قَالَ: بَلَى. قُلْتُ: لَكِنْ أَنَا أَدْرِي، قَرَأَ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن المثنى) بن عبيد المعروف بالزمن العنزي، بفتح النون والزاي، البصري، قال: (حدّثنا عثمان بن عمر) بن فارس العبدي (قال: أخبرني) بالإفراد، ولأبي ذر، والأصيلي: أخبرنا (ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن (عن سعيد المقبري قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه):
(يقول الناس: أكثر أبو هريرة) في الرواية عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فلقيت رجلاً) لم يسم (فقلت: بما) بإثبات ألف ما الاستفهامية مع دخول الجار عليها، وهو قليل. ولأبي ذر: بم (قرأ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، البارحة) نصب على الظرفية، أقرب ليلة مضت (في العتمة) في صلاة العشاء (فقال: لا أدري) ما قرأ. (فقلت: لم) بغير همزة (تشهدها) شهودًا تامًا وكأنه اشتغل بغير أمر الصلاة حتى نسي السورة التي قرئت. (قال) الرجل: (بلى) شهدتها. قال أبو هريرة: (قلت: لكن أنا أدري، قرأ سورة كذا وكذا). كأن أبا هريرة شغل فكره بأفعال الصلاة حتى ضبطها وأتقنها.
ورواة الحديث الخمسة ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وهو من أفراده. والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
(بسم الله الرحمن الرحيم).
(باب ما جاء في) حكم (السهو) الواقع في الصلاة (إذا قام) المصلي (من ركعتي الفريضة) ولم يجلس عقبهما، وللكشميهني، والأصيلي، وأبي الوقت، وابن عساكر: من ركعتي الفرض ولفظ: باب، ساقط في رواية أبي ذر.
1224 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: "صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَتَيْنِ مِنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ. فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ سَلَّمَ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك بن أنس) إمام دار الهجرة، وسقط: ابن أنس، لأبي ذر (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) ولفظ عبد الرحمن ساقط في رواية الهروي، وأبي الوقت، والأصيلي، وابن عساكر.
وقال في الفتح: ثابتة في رواية كريمة، ساقطة في رواية الباقين.
(عن عبد الله ابن بحينة) بضم الموحدة وفتح الحاء المهملة وألف قبل باء: ابن، لأنها اسم أمه أو أم أبيه (رضي الله عنه أنه قال):
(صلّى لنا) أي: بنا، أو: لأجلنا (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ركعتين من بعض الصلوات) في الرواية
التالية: أنها الظهر (ثم قام) إلى الركعة الثالثة (فلم يجلس) أي: ترك التشهد مع قعوده المشروع له، المستلزم تركه ترك التشهد (فقام الناس معه) إلى الثالثة.
زاد الضحاك بن عثمان، عن الأعرج، عند ابن خزيمة: فسبحوا به، فمضى في صلاته.
واستنبط منه: أن من سها عن التشهد الأول حتى قام إلى الركعة ثم ذكر لا يرجع. فقد سبحوا به عليه الصلاة والسلام فلم يرجع لتلبسه بالفرض، فلم يبطله للسنة. فلو عاد عامدًا عالمًا بتحريمه بطلت صلاته لزيادته قعودًا عمدًا أو ناسيًا أنه في الصلاة فلا تبطل. ويلزمه القيام عند تذكره أو جاهلاً تحريمه، فكذا لا تبطل في الأصح. وأنه لو تخلف المأموم عن انتصابه للتشهد بطلت صلاته إلا أن ينوي مفارقته، فيعذر.
ولو عاد الإمام قبل قيام المأموم، حرم قعوده معه لوجوب القيام عليه بانتصاب الإمام، ولو انتصب معه ثم عاد هو لم تجز متابعته في العود